الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 329 ] وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلدين ، أعني أبا الفرج بن الجوزي ، فذكر كثيرا مما لا دليل على وضعه ، بل هو ضعيف .

        [ ص: 329 ]

        التالي السابق


        [ ص: 329 ] ( وقد أكثر جامع الموضوعات في نحو مجلدين ، أعني أبا الفرج بن الجوزي ، فذكر ) في كتابه ( كثيرا مما لا دليل على وضعه ، بل هو ضعيف ) ، بل وفيه الحسن ، بل والصحيح ، وأغرب من ذلك أن فيها حديثا من " صحيح مسلم " كما سأبينه .

        قال الذهبي : ربما ذكر ابن الجوزي في " الموضوعات " أحاديث حسانا قوية .

        قال : ونقلت من خط السيد أحمد بن أبي المجد ، قال : صنف ابن الجوزي كتاب " الموضوعات " ، فأصاب في ذكره أحاديث شنيعة مخالفة للنقل والعقل ، وما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها ، كقوله : فلان ضعيف ، أو ليس بالقوي أو لين ، وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه ، ولا فيه مخالفة ، ولا معارضة لكتاب ولا سنة ، ولا إجماع ، ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام ذلك الرجل في رواية ، وهذا عدوان ومجازفة . انتهى .

        وقال شيخ الإسلام : غالب ما في كتاب ابن الجوزي موضوع ، والذي ينتقد عليه بالنسبة إلى ما لا ينتقد قليل جدا .

        قال : وفيه من الضرر أن يظن ما ليس بموضوع موضوعا عكس الضرر بمستدرك الحاكم ، فإنه يظن ما ليس بصحيح صحيحا .

        قال : ويتعين الاعتناء بانتقاد الكتابين ، فإن الكلام في تساهلهما أعدم [ ص: 330 ] الانتفاع بهما إلا لعالم بالفن ; لأنه ما من حديث إلا ويمكن أن يكون قد وقع فيه التساهل .

        قلت : قد اختصرت هذا الكتاب فعلقت أسانيده ، وذكرت منها موضع الحاجة ، وأتيت بالمتون وكلام ابن الجوزي عليها ، وتعقبت كثيرا منها ، وتتبعت كلام الحفاظ في تلك الأحاديث ، خصوصا شيخ الإسلام في تصانيفه ، وأماليه ، ثم أفردت الأحاديث المتعقبة في تأليف ، وذلك أن شيخ الإسلام ألف : " القول المسدد في الذب عن المسند " ، أورد فيه أربعة وعشرين حديثا في المسند ، وهي في الموضوعات ، وانتقدها حديثا حديثا ، ومنها حديث في " صحيح مسلم " ، وهو ما رواه من طريق أبي عامر العقدي ، عن أفلح بن سعيد ، عن عبد الله بن رافع ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن طالت بك مدة أوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ، ويروحون في لعنته ، في أيديهم مثل أذناب البقر .

        قال شيخ الإسلام : لم أقف في الموضوعات على شيء حكم عليه وهو في أحد الصحيحين غير هذا الحديث ، وإنها لغفلة شديدة ، ثم تكلم عليه وعلى شواهده .

        وذيلت على هذا الكتاب بذيل في الأحاديث التي بقيت في الموضوعات ، من " المسند " ، وهي أربعة عشر مع الكلام عليها ، ثم ألفت ذيلا لهذين الكتابين سميته : " القول الحسن في الذب عن السنن " ، أوردت فيه مائة وبضعة وعشرين حديثا ليست بموضوعة .

        منها ما هو في سنن أبي داود ، وهي أربعة أحاديث .

        [ ص: 331 ] منها حديث صلاة التسبيح .

        ومنها ما هو في " جامع الترمذي " ، وهو ثلاثة وعشرون حديثا .

        ومنها ما هو في " سنن النسائي " ، وهو حديث واحد .

        ومنها ما هو في ابن ماجه ، وهو ستة عشر حديثا .

        ومنها ما هو في " صحيح البخاري " رواية حماد بن شاكر ، وهو حديث ابن عمر : كيف يا ابن عمر إذا عمرت قوم يخبئون رزق سنتهم .

        هذا الحديث أورده الديلمي في " مسند الفردوس " ، وعزاه للبخاري ، وذكر سنده إلى ابن عمر ، ورأيت بخط العراقي : أنه ليس في الرواية المشهورة ، وأن المزي ذكر أنه في رواية حماد بن شاكر ، فهذا حديث ثان من أحاديث الصحيحين .

        ومنها ما هو في تأليف البخاري غير الصحيح ، كـ " خلق أفعال العباد " ، أو تعاليقه في الصحيح .

        أو في مؤلف أطلق عليه اسم الصحيح كـ " مسند الدارمي " ، و " المستدرك " ، و " صحيح ابن حبان " .

        أو في مؤلف معتبر كتصانيف البيهقي ، فقد التزم أن لا يخرج فيها حديثا يعلمه موضوعا .

        ومنها ما ليس في أحد هذه الكتب .

        وقد حررت الكلام على ذلك حديثا حديثا ، فجاء كتابا حافلا ، وقلت في آخره نظما :

        كتاب " الأباطيل " للمرتضي أبي الفرج الحافظ المقتدي [ ص: 332 ] تضمن ما ليس من شرطه
        لذي البصر الناقد المهتدي ففيه حديث روى مسلم
        وفوق الثلاثين عن أحمـد 237 ، وفرد رواه البخاري في
        رواية حماد المسند ، وعند سليمان قل أربع
        وبضع وعشرون في الترمذي ، وللنسائي واحد وابن ما
        جه ست عشرة إن تعددي ، وعند البخاري لا في الصحيح
        وللدارمي الحبر في المسند ، وعند ابن حبان والحاكم
        الإمام وتلميذه الجهبذي ، وتعليق إسنادهم أربعون
        ، وخذ مثلها واستفد وانقدي ، وقد بان ذلك مجموعة
        وأوضحته لك كي تهتدي ، وثم بقايا لمستدرك فما
        جمع العلم في مفردي

        .




        الخدمات العلمية