الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون . ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: أولم يروا يعني كفار مكة أنا جعلنا حرما آمنا يعني مكة; وقد شرحنا هذا المعنى في (القصص: 75) [ ص: 285 ] ويتخطف الناس من حولهم أي: أن العرب يسبي بعضهم بعضا وأهل مكة آمنون أفبالباطل وفيه ثلاثة أقوال . أحدها: الشرك، قاله قتادة . والثاني: الأصنام، قاله ابن السائب . والثالث: الشيطان، قاله مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يؤمنون وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وعاصم الجحدري: " تؤمنون وبنعمة الله تكفرون " بالتاء فيهما .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وبنعمة الله يعني: محمدا والإسلام; وقيل: بإنعام الله عليهم حين أطعمهم وآمنهم يكفرون ، ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أي: زعم أن له شريكا وأنه أمر بالفواحش أو كذب بالحق لما جاءه يعني محمدا والقرآن أليس في جهنم مثوى للكافرين ؟! وهذا استفهام بمعنى التقرير، كقول جرير:


                                                                                                                                                                                                                                      ألستم خير من ركب المطايا [وأندى العالمين بطون راح]



                                                                                                                                                                                                                                      والذين جاهدوا فينا أي: قاتلوا أعداءنا لأجلنا لنهدينهم سبلنا أي: لنوفقنهم لإصابة الطريق المستقيمة; وقيل: لنزيدنهم هداية وإن الله لمع المحسنين بالنصرة والعون . قال ابن عباس: يريد بالمحسنين: الموحدين; وقال غيره: يريد المجاهدين . وقال ابن المبارك: من اعتاصت عليه مسألة، فليسأل أهل الثغور عنها، لقوله: لنهدينهم سبلنا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية