nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28982_31883قالوا يالوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد .
[ ص: 113 ] هذه الآيات الثلاث في
nindex.php?page=treesubj&link=33955إنجاء لوط بأهله إلا امرأته وإهلاك قومه .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81قالوا يا لوط إنا رسل ربك - من ملائكته ، أرسلنا لتنجيتك من شرهم وإهلاكهم -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81لن يصلوا إليك - بسوء في نفسك ولا فينا ، وحينئذ طمس الله أعينهم فلم يعودوا يبصرون
لوطا ولا من معه كما قال - تعالى - في سورة القمر : -
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=37ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم - 54 : 37 فانقلبوا عميانا يتخبطون : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81فأسر بأهلك بقطع من الليل - أي : فاخرج من هذه القرية أو القرى مصحوبا بأهلك بطائفة من الليل تكفي لتجاوز حدود هؤلاء القوم . والسري ( بالضم ) والإسراء في الليل كالسير في النهار ، قرئ ( أسر ) بقطع الهمزة ووصلها منهما حيث وقعت في القرآن . وفي سورة الذاريات : -
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=35فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=36فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين - 51 : 35 و 36 ، -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81ولا يلتفت منكم أحد - إلى ما وراءه لئلا يرى العذاب فيصيبه ، وفي سورة الحجر -
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65وامضوا حيث تؤمرون - 15 : 65 وقد بينه لهم الملائكة : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81إلا امرأتك - وكانت كافرة خائنة ضلعها مع القوم -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81إنه مصيبها ما أصابهم - أي مقضي هذا عليها فهو واقع لابد منه ، قرئ " امرأتك " بالنصب وبالرفع ، -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81إن موعدهم الصبح - أي : موعد
nindex.php?page=treesubj&link=33955عذابهم يبتدئ من طلوع الفجر ، وينتهي بشروقها كما قال في سورة الحجر :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة مشرقين 15 : 73 وهذا تعليل للإسراء ببقية من الليل كما قلنا : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81أليس الصبح بقريب - أي : موعد قريب لم يبق له إلا ليلة واحدة تنجو فيها بأهلك . وهذا تقرير مؤكد لما قبله ، وجواب عن استعجال
لوط لهلاكهم ، وحكمته أنهم يكونون مجتمعين فيه في مساكنهم فلا يلفت أحد منهم .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=66فلما جاء أمرنا - أي : عذابنا أو موعده -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82جعلنا عاليها سافلها - أي : قلبنا أرض ها أو قراها كلها وخسفنا بها الأرض ، وسنة الله - تعالى - في خسف الأرض في قطر من الأقطار أن يحدث تحتها فراغ بقدرها ، بسبب تحول الأبخرة التي في جوفها بمشيئته وقدرته فينقلب ما فوقه إما مستويا وإما مائلا إلى جانب من الجوانب إن كان الفراغ تحته أوسع ، وفي بعض هذه الأحوال يكون عاليها سافلها ، ويجوز أن يكون معنى جعل عاليها سافلها ؛ أن ما كان سطحا لها هبط وغار فكان سافلها وحل محله غيره من اليابسة المجاورة أو من الماء ، والمرجح عند علماء الأرض أن قرى
لوط التي خسف بها تحت الماء المعروف
ببحر لوط أو
بحيرة لوط ، وقيل من عهد قريب أن الباحثين عثروا على بعض آثارها كما تقدم -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82وأمطرنا عليها - أي : قبل القلب أو في أثنائه ، وحكمته أن يصيب الشذاذ المتفرقين من أهلها حجارة من سجيل ، وفي سورة الذاريات -
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=33لنرسل عليهم حجارة من طين - 51 : 33 فالمراد إذا حجارة من مستنقع ، وقال
مجاهد : أولها حجر وآخرها طين ، وقال
الحسن : أصل الحجارة طين متحجر ، والمعقول ما قلنا ، وهو موافق لقول
الراغب : السجيل : حجر وطين مختلط أصله
[ ص: 114 ] فارسي فعرب ، وقيل إنه من النار وأصله سجين فأبدلت نونه لاما . وهو موافق لرواية سفر التكوين ، فإن صح يكون من بركان من البراكين ، ومثل هذا المطر يحصل عادة بإرسال الله إعصارا من الريح يحمل ذلك من بعض المستنقعات أو الأنهار فتلقيها حيث يشاء ، ولا يمنع أن يكون هذا بتدبير الملائكة الموكلين بالأرض -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82منضود - أي متراكب بعضه في أثر بعض يقع طائفة بعد طائفة -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83مسومة عند ربك - لها سومة ، أي علامة خاصة في علم ربك أيها الرسول ، أي أمطرناها خاصة بها لا تصيب غير أهلها ، أو هي من قولهم : سومت فلانا في مالي أو في الأمر إذا حكمته فيه وخليته وما يريد ، لا تثنى له يد في تصرفه ، وقد ظهر لي هذا المعنى الآن من مراجعة مجاز الأساس ، والمعنى أنه سخرها عليهم وحكمها في إهلاكهم لا يمنعها منه شيء ، كما قال في الملائكة التي أمد الله بها المؤمنين في غزوة
بدر -
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125مسومين - 3 : 125 وزعم بعض المسرفين أن هذا التسويم كان حسيا بخطوط في ألوانها ، وأمثال الخواتيم عليها ، أو بأسماء أهلها ، ولكن هذا من أمور الغيب لا يثبت إلا بنص عن المعصوم ولا نص ، وما قلناه مفهوم من اللفظ ، ومعقول في نفسه ليس فيه رجم بالغيب .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=28982وما هي من الظالمين ببعيد - أي وما هذه العقوبة أو القرى أو الأرض التي حل بها العذاب المخزي بمكان بعيد المسافة من مشركي
مكة الظالمين لأنفسهم بتكذيبك والتماري بنذرك أيها الرسول ، بل هي قريبة منهم واقعة على طريقهم في رحلة الصيف إلى
الشام كما قال في سورة الحجر :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة مشرقين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إن في ذلك لآيات للمتوسمين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وإنها لبسبيل مقيم 15 : 73 - 76 أي في طريق ثابت معروف بين
المدينة والشام ، وقال في سورة الصافات بعد ذكر هلاكهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وإنكم لتمرون عليهم مصبحين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=138وبالليل أفلا تعقلون 37 : 137 و 138 قال الجلال : -
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وإنكم لتمرون عليهم - على آثارهم ومنازلهم في أسفاركم - مصبحين - أي : وقت الصباح ، يعني بالنهار -
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=138وبالليل أفلا تعقلون - ما حل بهم فتعتبروا به . انتهى .
والتعبير بصفة الظالمين وكون العقوبة آية مرادة لا مصادفة ، يجعل العبارة عبرة لكل الأقوام الظالمة في كل زمان ، وإن كان العذاب يختلف باختلاف الأحوال من أنواع الظلم وكثرته وعمومه وما دونهما ، وقيل : إن المعنى المتبادر أن هذه العاقبة ليست ببعيدة من الظالمين من
قوم لوط بل نزلت بهم عن استحقاق ، أو من مشركي
مكة ، وقدم هذا من قدمه من المفسرين وأخر ما قلناه ، ولكنه هو الذي تؤيده شواهد القرآن .
وفي خرافات المفسرين المروية عن الإسرائيليات ، أن
جبريل - عليه السلام - قلعها من تخوم الأرض بجناحه ، وصعد بها إلى عنان السماء حتى سمع أهل السماء أصوات الكلاب والدجاج فيها ، ثم قلبها قلبا مستويا فجعل عاليها سافلها ، وهذا تصور مبني على اعتقاد متصوره أن
[ ص: 115 ] الأجرام المأهولة بالسكان مما يمكن أن يقرب منهم سكان الأرض وما فيها من الحيوان ويبقون أحياء . وقد ثبت بالمشاهدة والاختبار الفعلي في هذه الأيام التي نكتب هذا فيها ، أن الطيارات والمناطيد التي تحلق في الجو تصل إلى حيث يخف ضغط الهواء ويستحيل حياة الناس فيها ، وهم يصنعون أنواعا منها يضعون فيها من أوكسجين الهواء ما يكفي استنشاقه وتنفسه للحياة في طبقات الجو العليا ويصعدون فيها ، وقد أشير في الكتاب العزيز إلى ما يكون للتصعيد في جو السماء من التأثير في ضيق الصدر من عسر التنفس بقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء 6 : 125 .
( فإن قيل ) : إن هذا الفعل المروي عن
جبريل - عليه السلام - من الممكنات العقلية وكان وقوعه من خوارق العادات ، فلا يصح أن يجعل تصديقه موقوفا على ما عرف من سنن الكائنات : ( قلت ) : نعم ، ولكن الشرط الأول لقبول الرواية في أمر جاء على غير السنن والنواميس التي أقام الله بها نظام العالم من عمران وخراب ، أن تكون الرواية عن وحي إلهي نقل بالتواتر عن المعصوم أو بسند صحيح متصل الإسناد لا شذوذ فيه ولا علة على الأقل ، ولم يذكر في كتاب الله - تعالى - ولم يرد فيه حديث مرفوع إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - ولا تظهر حكمة الله فيه ، وإنما روي عن بعض التابعين دون الصحابة ولا شك أنه من الإسرائيليات ، ومما قالوه فيها أن عدد أهلها كان أربعة آلاف ألف ، وبلاد
فلسطين كلها لا تسع هذا العدد فأين كان هؤلاء الملايين يسكنون من تلك القرى الأربع ؟
وهذه الإسرائيليات المشوهة لهذه القصة كغيرها من قصص الأنبياء مخالفة لما عند باثيها من زنادقة
اليهود في توراتهم ،
nindex.php?page=treesubj&link=31878_28965وملخص ما في الفصل التاسع من سفر التكوين الخاص بلوط - عليه السلام - وقومه أن الملكين اللذين أتياه بصورة رجلين ضربا بالعمى جميع قومه وقالا له : أصهارك وبنيك وبناتك وكل من لك في المدينة أخرج من هذا المكان ؛ لأننا مهلكان أهل هذا المكان ; إذ قد عظم صراخهم أمام الرب فأرسلنا الرب لنهلكه ) فخرج
لوط وكلم أصهاره الآخذين بناته وقال قوموا واخرجوا من هذا المكان لأن الرب مهلك المدينة ، فكان كمازح في أعين أصهاره ، ولما طلع الفجر كان الملاكان يعجلان
لوطا قائلين : قم خذ امرأتك وابنتيك الموجودتين لئلا تهلك بإثم المدينة ، ثم أخرجاه ودفعاه إلى مدينة اسمها
صوغر ووعداه بعدم إهلاكها ومعه امرأته وبنتاه ، وأمراه بألا ينظر وراءه ( ثم قال : وإذا أشرقت الشمس على الأرض دخل
لوط إلى
صوغر فأمطر الرب على
سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء ، وقلبت تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض ، ونظرت امرأته من ورائه فصارت عمود ملح ، وبكر
إبراهيم في الغد إلى
[ ص: 116 ] المكان الذي وقف فيه أمام الرب وتطلع نحو
سدوم وعمورة ونحو كل أرض الدائرة ، ونظر وإذا دخان الأرض يصعد كدخان الأتون ) .
ومقتضى هذه الرواية أنه لم ينج مع
لوط إلا ابنتان له . وقد ختم الفصل بما يتبرأ منه المسلمون كغيره مما يخالف القرآن ، وهو أن ابنتي
لوط الناجيتين كانت إحداهما بكرا والأخرى ثيبا ، وأنهما أسكرتا أباهما بالخمر مرة بعد أخرى وباتتا معه فحملتا منه ، وولدتا أولادا وبقي نسلهما منه متسلسلا . يقول الكاتب : ( إلى اليوم ) وهم
الموابيون وبنو عمون ! فمن كتب هذا ومتى كتبه ؟ هذا ما لا يعلمه إلا الله - تعالى - ، وكل ما خالف القرآن فهو باطل ، وما فسرناه به هو الظاهر المتبادر .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28982_31883قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ .
[ ص: 113 ] هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33955إِنْجَاءِ لُوطٍ بِأَهْلِهِ إِلَّا امْرَأَتَهُ وَإِهْلَاكِ قَوْمِهِ .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ - مِنْ مَلَائِكَتِهِ ، أَرْسَلَنَا لِتَنْجِيَتِكَ مِنْ شَرِّهِمْ وَإِهْلَاكِهِمْ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ - بِسُوءٍ فِي نَفْسِكَ وَلَا فِينَا ، وَحِينَئِذٍ طَمَسَ اللَّهُ أَعْيُنَهُمْ فَلَمْ يَعُودُوا يُبْصِرُونَ
لُوطًا وَلَا مَنْ مَعَهُ كَمَا قَالَ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ الْقَمَرِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=37وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ - 54 : 37 فَانْقَلَبُوا عُمْيَانًا يَتَخَبَّطُونَ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ - أَيْ : فَاخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَوِ الْقُرَى مَصْحُوبًا بِأَهْلِكَ بِطَائِفَةٍ مِنَ اللَّيْلِ تَكْفِي لِتَجَاوُزِ حُدُودِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ . وَالسُّرِيُّ ( بِالضَّمِّ ) وَالْإِسْرَاءِ فِي اللَّيْلِ كَالسَّيْرِ فِي النَّهَارِ ، قُرِئَ ( أَسْرِ ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَوَصْلِهَا مِنْهُمَا حَيْثُ وَقَعَتْ فِي الْقُرْآنِ . وَفِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=35فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=36فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ - 51 : 35 و 36 ، -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ - إِلَى مَا وَرَاءَهُ لِئَلَّا يَرَى الْعَذَابَ فَيُصِيبَهُ ، وَفِي سُورَةِ الْحِجْرِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=65وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ - 15 : 65 وَقَدْ بَيَّنَهُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81إِلَّا امْرَأَتَكَ - وَكَانَتْ كَافِرَةً خَائِنَةً ضِلْعُهَا مَعَ الْقَوْمِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ - أَيْ مَقْضِيٌّ هَذَا عَلَيْهَا فَهُوَ وَاقِعٌ لَابُدَّ مِنْهُ ، قُرِئَ " امْرَأَتَكَ " بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ ، -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ - أَيْ : مَوْعِدَ
nindex.php?page=treesubj&link=33955عَذَابِهِمْ يَبْتَدِئُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَيَنْتَهِي بِشُرُوقِهَا كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ 15 : 73 وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِلْإِسْرَاءِ بِبَقِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا قُلْنَا : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=81أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ - أَيْ : مَوْعِدٍ قَرِيبٍ لَمْ يَبْقَ لَهُ إِلَّا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ تَنْجُو فِيهَا بِأَهْلِكَ . وَهَذَا تَقْرِيرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ ، وَجَوَابٌ عَنِ اسْتِعْجَالِ
لُوطٍ لِهَلَاكِهِمْ ، وَحِكْمَتُهُ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ مُجْتَمِعِينَ فِيهِ فِي مَسَاكِنِهِمْ فَلَا يَلْفِتْ أَحَدٌ مِنْهُمْ .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=66فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا - أَيْ : عَذَابُنَا أَوْ مَوْعِدُهُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا - أَيْ : قَلَبْنَا أَرْضَ هَا أَوْ قُرَاهَا كُلَّهَا وَخَسَفْنَا بِهَا الْأَرْضَ ، وَسُنَّةُ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي خَسْفِ الْأَرْضِ فِي قُطْرٍ مِنَ الْأَقْطَارِ أَنْ يُحْدَثَ تَحْتَهَا فَرَاغٌ بِقَدْرِهَا ، بِسَبَبِ تَحَوُّلِ الْأَبْخِرَةِ الَّتِي فِي جَوْفِهَا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ فَيَنْقَلِبَ مَا فَوْقَهُ إِمَّا مُسْتَوِيًا وَإِمَّا مَائِلًا إِلَى جَانِبٍ مِنَ الْجَوَانِبِ إِنْ كَانَ الْفَرَاغُ تَحْتَهُ أَوْسَعَ ، وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ يَكُونُ عَالِيهَا سَافِلَهَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى جَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا ؛ أَنَّ مَا كَانَ سَطْحًا لَهَا هَبَطَ وَغَارَ فَكَانَ سَافِلَهَا وَحَلَّ مَحَلَّهُ غَيْرُهُ مِنَ الْيَابِسَةِ الْمُجَاوِرَةِ أَوْ مِنَ الْمَاءِ ، وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْأَرْضِ أَنَّ قُرَى
لُوطٍ الَّتِي خُسِفَ بِهَا تَحْتَ الْمَاءِ الْمَعْرُوفِ
بِبَحْرِ لُوطٍ أَوْ
بُحَيْرَةِ لُوطٍ ، وَقِيلَ مِنْ عَهْدٍ قَرِيبٍ أَنَّ الْبَاحِثِينَ عَثَرُوا عَلَى بَعْضِ آثَارِهَا كَمَا تَقَدَّمَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا - أَيْ : قَبْلَ الْقَلْبِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ ، وَحِكْمَتُهُ أَنْ يُصِيبَ الشُّذَّاذَ الْمُتَفَرِّقِينَ مِنْ أَهْلِهَا حِجَارَةٌ مِنْ سِجِّيلٍ ، وَفِي سُورَةِ الذَّارِيَاتِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=33لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ - 51 : 33 فَالْمُرَادُ إِذًا حِجَارَةٌ مِنْ مُسْتَنْقَعٍ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : أَوَّلُهَا حَجَرٌ وَآخِرُهَا طِينٌ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : أَصْلُ الْحِجَارَةِ طِينٌ مُتَحَجِّرٌ ، وَالْمَعْقُولُ مَا قُلْنَا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ
الرَّاغِبِ : السِّجِّيلُ : حَجَرٌ وَطِينٌ مُخْتَلِطٌ أَصْلُهُ
[ ص: 114 ] فَارِسِيٌّ فَعُرِّبَ ، وَقِيلَ إِنَّهُ مِنَ النَّارِ وَأَصْلُهُ سِجِّينٌ فَأُبْدِلَتْ نُونُهُ لَامًا . وَهُوَ مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ سِفْرِ التَّكْوِينِ ، فَإِنْ صَحَّ يَكُونُ مِنْ بُرْكَانٍ مِنَ الْبَرَاكِينِ ، وَمِثْلُ هَذَا الْمَطَرِ يَحْصُلُ عَادَةً بِإِرْسَالِ اللَّهِ إِعْصَارًا مِنَ الرِّيحِ يَحْمِلُ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الْمُسْتَنْقَعَاتِ أَوِ الْأَنْهَارِ فَتُلْقِيهَا حَيْثُ يَشَاءُ ، وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ هَذَا بِتَدْبِيرِ الْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالْأَرْضِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=82مَنْضُودٍ - أَيْ مُتَرَاكِبٍ بَعْضُهُ فِي أَثَرِ بَعْضٍ يَقَعُ طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ - لَهَا سُومَةٌ ، أَيْ عَلَامَةٌ خَاصَّةٌ فِي عِلْمِ رَبِّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ ، أَيْ أَمْطَرْنَاهَا خَاصَّةً بِهَا لَا تُصِيبُ غَيْرَ أَهْلِهَا ، أَوْ هِيَ مِنْ قَوْلِهِمْ : سَوَّمْتُ فُلَانًا فِي مَالِي أَوْ فِي الْأَمْرِ إِذَا حَكَّمْتُهُ فِيهِ وَخَلَّيْتُهُ وَمَا يُرِيدُ ، لَا تُثْنَى لَهُ يَدٌ فِي تَصَرُّفِهِ ، وَقَدْ ظَهَرَ لِي هَذَا الْمَعْنَى الْآنَ مِنْ مُرَاجَعَةِ مَجَازِ الْأَسَاسِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ وَحَكَّمَهَا فِي إِهْلَاكِهِمْ لَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ شَيْءٌ ، كَمَا قَالَ فِي الْمَلَائِكَةِ الَّتِي أَمَدَّ اللَّهُ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ فِي غَزْوَةِ
بَدْرٍ -
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=125مُسَوِّمِينَ - 3 : 125 وَزَعَمَ بَعْضُ الْمُسْرِفِينَ أَنَّ هَذَا التَّسْوِيمَ كَانَ حِسِّيًّا بِخُطُوطٍ فِي أَلْوَانِهَا ، وَأَمْثَالِ الْخَوَاتِيمِ عَلَيْهَا ، أَوْ بِأَسْمَاءِ أَهْلِهَا ، وَلَكِنَّ هَذَا مِنْ أُمُورِ الْغَيْبِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِنَصٍّ عَنِ الْمَعْصُومِ وَلَا نَصَّ ، وَمَا قُلْنَاهُ مَفْهُومٌ مِنَ اللَّفْظِ ، وَمَعْقُولٌ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ فِيهِ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=83nindex.php?page=treesubj&link=28982وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ - أَيْ وَمَا هَذِهِ الْعُقُوبَةُ أَوِ الْقُرَى أَوِ الْأَرْضُ الَّتِي حَلَّ بِهَا الْعَذَابُ الْمُخْزِي بِمَكَانٍ بَعِيدِ الْمَسَافَةِ مِنْ مُشْرِكِي
مَكَّةَ الظَّالِمِينَ لِأَنْفُسِهِمْ بِتَكْذِيبِكَ وَالتَّمَّارِي بِنُذُرِكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ ، بَلْ هِيَ قَرِيبَةٌ مِنْهُمْ وَاقِعَةٌ عَلَى طَرِيقِهِمْ فِي رِحْلَةِ الصَّيْفِ إِلَى
الشَّامِ كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقَيْنِ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=74فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرَنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=75إِنَّ فِي ذَلِكَ لِآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=76وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ 15 : 73 - 76 أَيْ فِي طَرِيقٍ ثَابِتٍ مَعْرُوفٍ بَيْنَ
الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ ، وَقَالَ فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ بَعْدَ ذِكْرِ هَلَاكِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=138وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ 37 : 137 و 138 قَالَ الْجَلَالَ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=137وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ - عَلَى آثَارِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ فِي أَسْفَارِكُمْ - مُصْبِحِينَ - أَيْ : وَقْتَ الصَّبَاحِ ، يَعْنِي بِالنَّهَارِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=138وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ - مَا حَلَّ بِهِمْ فَتَعْتَبِرُوا بِهِ . انْتَهَى .
وَالتَّعْبِيرُ بِصِفَةِ الظَّالِمِينَ وَكَوْنِ الْعُقُوبَةِ آيَةً مُرَادَةً لَا مُصَادِفَةً ، يَجْعَلُ الْعِبَارَةَ عِبْرَةً لِكُلِّ الْأَقْوَامِ الظَّالِمَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ ، وَإِنْ كَانَ الْعَذَابُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ مِنْ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ وَكَثْرَتِهِ وَعُمُومِهِ وَمَا دُونَهُمَا ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى الْمُتَبَادِرَ أَنَّ هَذِهِ الْعَاقِبَةَ لَيْسَتْ بِبَعِيدَةٍ مِنَ الظَّالِمِينَ مِنْ
قَوْمِ لُوطٍ بَلْ نَزَلَتْ بِهِمْ عَنِ اسْتِحْقَاقٍ ، أَوْ مِنْ مُشْرِكِي
مَكَّةَ ، وَقَدَّمَ هَذَا مَنْ قَدَّمَهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَأَخَّرَ مَا قُلْنَاهُ ، وَلَكِنَّهُ هُوَ الَّذِي تُؤَيِّدُهُ شَوَاهِدُ الْقُرْآنِ .
وَفِي خُرَافَاتِ الْمُفَسِّرِينَ الْمَرْوِيَّةِ عَنِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، أَنَّ
جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَلَعَهَا مِنْ تُخُومِ الْأَرْضِ بِجَنَاحِهِ ، وَصَعِدَ بِهَا إِلَى عَنَانِ السَّمَاءِ حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ أَصْوَاتَ الْكِلَابِ وَالدَّجَاجِ فِيهَا ، ثُمَّ قَلَبَهَا قَلْبًا مُسْتَوِيًا فَجَعَلَ عَالِيَهَا سَافِلَهَا ، وَهَذَا تَصَوُّرٌ مَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِقَادِ مُتَصَوِّرِهِ أَنَّ
[ ص: 115 ] الْأَجْرَامَ الْمَأْهُولَةَ بِالسُّكَّانِ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَقْرُبَ مِنْهُمْ سُكَّانُ الْأَرْضِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْحَيَوَانِ وَيَبْقَوْنَ أَحْيَاءً . وَقَدْ ثَبَتَ بِالْمُشَاهَدَةِ وَالِاخْتِبَارِ الْفِعْلِيِّ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ الَّتِي نَكْتُبُ هَذَا فِيهَا ، أَنَّ الطَّيَّارَاتِ وَالْمَنَاطِيدَ الَّتِي تُحَلِّقُ فِي الْجَوِّ تَصِلُ إِلَى حَيْثُ يَخِفُّ ضَغْطُ الْهَوَاءِ وَيَسْتَحِيلُ حَيَاةُ النَّاسِ فِيهَا ، وَهُمْ يَصْنَعُونَ أَنْوَاعًا مِنْهَا يَضَعُونَ فِيهَا مِنْ أُوكْسِجِينِ الْهَوَاءِ مَا يَكْفِي اسْتِنْشَاقُهُ وَتَنَفُّسُهُ لِلْحَيَاةِ فِي طَبَقَاتِ الْجَوِّ الْعُلْيَا وَيَصْعَدُونَ فِيهَا ، وَقَدْ أُشِيرَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ إِلَى مَا يَكُونُ لِلتَّصْعِيدِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مِنَ التَّأْثِيرِ فِي ضِيقِ الصَّدْرِ مِنْ عُسْرِ التَّنَفُّسِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=125فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ 6 : 125 .
( فَإِنْ قِيلَ ) : إِنَّ هَذَا الْفِعْلَ الْمَرْوِيَّ عَنْ
جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ الْمُمْكِنَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَكَانَ وُقُوعُهُ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ تَصْدِيقُهُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ سُنَنِ الْكَائِنَاتِ : ( قُلْتُ ) : نَعَمْ ، وَلَكِنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لِقَبُولِ الرِّوَايَةِ فِي أَمْرٍ جَاءَ عَلَى غَيْرِ السُّنَنِ وَالنَّوَامِيسِ الَّتِي أَقَامَ اللَّهُ بِهَا نِظَامَ الْعَالَمِ مِنْ عُمْرَانٍ وَخَرَابٍ ، أَنْ تَكُونَ الرِّوَايَةُ عَنْ وَحْيٍ إِلَهِيٍّ نُقِلَ بِالتَّوَاتُرِ عَنِ الْمَعْصُومِ أَوْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ لَا شُذُوذَ فِيهِ وَلَا عِلَّةَ عَلَى الْأَقَلِّ ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ إِلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا تَظْهَرُ حِكْمَةُ اللَّهِ فِيهِ ، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ دُونَ الصَّحَابَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ ، وَمِمَّا قَالُوهُ فِيهَا أَنَّ عَدَدَ أَهْلِهَا كَانَ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفٍ ، وَبِلَادُ
فِلَسْطِينَ كُلُّهَا لَا تَسَعُ هَذَا الْعَدَدَ فَأَيْنَ كَانَ هَؤُلَاءِ الْمَلَايِينُ يَسْكُنُونَ مِنْ تِلْكَ الْقُرَى الْأَرْبَعِ ؟
وَهَذِهِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتُ الْمُشَوَّهَةُ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ كَغَيْرِهَا مِنْ قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مُخَالِفَةٌ لِمَا عِنْدَ بَاثِّيهَا مِنْ زَنَادِقَةِ
الْيَهُودِ فِي تَوْرَاتِهِمْ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31878_28965وَمُلَخَّصُ مَا فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ سِفْرِ التَّكْوِينِ الْخَاصِّ بِلُوطٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْمِهِ أَنَّ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَاهُ بِصُورَةِ رَجُلَيْنِ ضَرَبَا بِالْعَمَى جَمِيعَ قَوْمِهِ وَقَالَا لَهُ : أَصْهَارَكَ وَبَنِيكَ وَبَنَاتِكَ وَكُلَّ مَنْ لَكَ فِي الْمَدِينَةِ أَخْرِجْ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ ؛ لِأَنَّنَا مُهْلِكَانِ أَهْلَ هَذَا الْمَكَانِ ; إِذْ قَدْ عَظُمَ صُرَاخُهُمْ أَمَامَ الرَّبِّ فَأَرْسَلَنَا الرَّبُّ لِنُهْلِكَهُ ) فَخَرَجَ
لُوطٌ وَكَلَّمَ أَصْهَارَهُ الْآخِذِينَ بَنَاتَهُ وَقَالَ قُومُوا وَاخْرُجُوا مِنْ هَذَا الْمَكَانِ لِأَنَّ الرَّبَّ مُهْلِكُ الْمَدِينَةِ ، فَكَانَ كَمَازِحٍ فِي أَعْيُنِ أَصْهَارِهِ ، وَلَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ كَانَ الْمَلَاكَانِ يُعَجِّلَانِ
لُوطًا قَائِلِينَ : قُمْ خُذِ امْرَأَتَكَ وَابْنَتَيْكَ الْمَوْجُودَتَيْنِ لِئَلَّا تَهْلَكُ بِإِثْمِ الْمَدِينَةِ ، ثُمَّ أَخْرَجَاهُ وَدَفَعَاهُ إِلَى مَدِينَةٍ اسْمُهَا
صَوْغَرُ وَوَعَدَاهُ بِعَدَمِ إِهْلَاكِهَا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ وَبِنْتَاهُ ، وَأَمَرَاهُ بِأَلَّا يَنْظُرَ وَرَاءَهُ ( ثُمَّ قَالَ : وَإِذَا أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الْأَرْضِ دَخَلَ
لُوطٌ إِلَى
صَوْغَرَ فَأَمْطَرَ الرَّبُّ عَلَى
سَدُومَ وَعَمُّورَةَ كِبْرِيتًا وَنَارًا مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ مِنَ السَّمَاءِ ، وَقُلِبَتْ تِلْكَ الْمُدُنُ وَكُلُّ الدَّائِرَةِ وَجَمِيعُ سُكَّانِ الْمُدُنِ وَنَبَاتُ الْأَرْضِ ، وَنَظَرَتِ امْرَأَتُهُ مِنْ وَرَائِهِ فَصَارَتْ عَمُودَ مِلْحٍ ، وَبَكَّرَ
إِبْرَاهِيمُ فِي الْغَدِ إِلَى
[ ص: 116 ] الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ أَمَامَ الرَّبِّ وَتَطَلَّعَ نَحْوَ
سَدُومَ وَعَمُّورَةَ وَنَحْوَ كُلِّ أَرْضِ الدَّائِرَةِ ، وَنَظَرَ وَإِذَا دُخَانُ الْأَرْضِ يَصْعَدُ كَدُخَانِ الْأَتُونِ ) .
وَمُقْتَضَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يَنْجُ مَعَ
لُوطٍ إِلَّا ابْنَتَانِ لَهُ . وَقَدْ خَتَمَ الْفَصْلَ بِمَا يَتَبَرَّأُ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ كَغَيْرِهِ مِمَّا يُخَالِفُ الْقُرْآنَ ، وَهُوَ أَنَّ ابْنَتَيْ
لُوطٍ النَّاجِيَتَيْنِ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا بِكْرًا وَالْأُخْرَى ثَيِّبًا ، وَأَنَّهُمَا أَسْكَرَتَا أَبَاهُمَا بِالْخَمْرِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَبَاتَتَا مَعَهُ فَحَمَلَتَا مِنْهُ ، وَوَلَدَتَا أَوْلَادًا وَبَقِيَ نَسْلُهُمَا مِنْهُ مُتَسَلْسِلًا . يَقُولُ الْكَاتِبُ : ( إِلَى الْيَوْمِ ) وَهُمُ
الْمُوَابِيُّونَ وَبَنُو عَمُونَ ! فَمَنْ كُتَبَ هَذَا وَمَتَى كَتَبَهُ ؟ هَذَا مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى - ، وَكُلُّ مَا خَالَفَ الْقُرْآنَ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَمَا فَسَّرْنَاهُ بِهِ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ .