الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم

                                                                                                                                                                                                                                        ( والذين يرمون المحصنات ) يقذفونهن بالزنا لوصف المقذوفات بالإحصان ، وذكرهن عقيب الزواني واعتبار أربعة شهداء بقوله : ( ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) والقذف بغيره مثل يا فاسق ويا شارب الخمر يوجب التعزير كقذف غير المحصن ، والإحصان ها هنا بالحرية والبلوغ والعقل والإسلام والعفة عن الزنا ولا فرق فيه بين الذكر والأنثى ، وتخصيص المحصنات لخصوص الواقعة أو لأن قذف النساء أغلب وأشنع ، ولا يشترط اجتماع الشهود عند الأداء ولا تعتبر شهادة زوج المقذوفة خلافا لأبي حنيفة ، وليكن ضربه أخف من ضرب الزنا لضعف سببه واحتماله ولذلك نقص عدده . ( ولا تقبلوا لهم شهادة ) أي شهادة كانت لأنه مفتر ، وقيل شهادتهم في القذف ولا يتوقف ذلك على استيفاء الجلد خلافا لأبي حنيفة فإن الأمر بالجلد والنهي عن القبول سيان في وقوعهما جوابا للشرط لا ترتيب بينهما فيترتبان عليه دفعة ، كيف وحاله قبل الجلد أسوأ مما بعده . ( أبدا ) ما لم يتب ، وعند أبي حنيفة إلى آخر عمره . ( وأولئك هم الفاسقون ) المحكوم بفسقهم .

                                                                                                                                                                                                                                        ( إلا الذين تابوا ) عن القذف . ( من بعد ذلك وأصلحوا ) أعمالهم بالتدارك ، ومنه الاستسلام للحد أو الاستحلال من المقذوف ، والاستثناء راجع إلى أصل الحكم وهو اقتضاء الشرط لهذه الأمور ولا يلزمه سقوط الحد به كما قيل ، لأن من تمام التوبة الاستسلام له أو الاستحلال ومحل المستثنى النصب على الاستثناء ، وقيل إلى النهي ومحله الجر على البدل من هم في لهم ، وقيل إلى الأخيرة ومحله النصب لأنه من موجب وقيل منقطع متصل بما بعده . ( فإن الله غفور رحيم ) علة للاستثناء .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية