الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الشرط الثاني : أن تكون الدعوى مفصلة ، أقتله عمدا أم خطأ ، أم شبه عمد ، منفردا أم مشارك غيره ; لأن الأحكام تختلف بهذه الأحوال ، ويتوجه الواجب تارة على العاقلة ، وتارة على القاتل ، فلا يعرف من يطالب إلا بالتفصيل ، وفيه وجه سنذكره إن شاء الله تعالى ، أنه يجوز كون الدعوى مجهولة ، فعلى الصحيح لو أجمل الولي فوجهان ، أحدهما : يعرض القاضي عنه ، ولا يستفصل ; لأنه ضرب من التلقين ، والثاني وهو الصحيح المنصوص ، وبه قطع الجمهور : يستفصل ، وربما وجد في كلام الأئمة ما يشعر بوجوب الاستفصال ، وإليه أشار الروياني ، وقال الماسرجسي : لا يلزم الحاكم أن يصحح دعواه ، ولا يلزمه أن يستمع إلا إلى دعوى محررة ، وهذا أصح ، ثم إذا قال : قتله منفردا أو عمدا ووصف العمد أو خطأ ، وطالب المدعى عليه بالجواب ، وإن قال : قتله بشركة ، سئل عمن شاركه ، فإن ذكر جماعة لا يمكن اجتماعهم على القتل ، لغا قوله ودعواه ، وإن ذكر جماعة يتصور اجتماعهم ولم يحضرهم ، أو قال : لا أعرف عددهم ، فإن ادعى قتلا يوجب الدية بأن قال : قتله خطأ ، أو شبه عمد ، أو تعمد وفي شركائه مخطئ ، لم تسمع دعواه لأن حصة المدعى عليه من الدية لا تعلم إلا بحصر الشركاء ، فلو قال : لا أعلم عددهم تحقيقا ، ولكن أعلم أنهم لا يزيدون على عشرة ، سمعت دعواه ، وطالب بعشر الدية ، وإن ادعى ما يوجب القود بأن قال : قتل عمدا مع شركاء عامدين ، فوجهان ، أصحهما : تسمع دعواه ، ويطالب بالقصاص ; لأنه لا يختلف بعدد [ ص: 5 ] الشركاء ، والثاني : لا ; لأنه قد يختار الدية فلا يعلم حقه منها ، وأشير إلى وجه ثالث أنا إن قلنا : موجب العمد القود ، سمعت ، وإن قلنا : أحدهما فلا .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية