الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب

                                                                                                                                                                                                                                        ( في بيوت ) متعلق بما قبله أي كمشكاة في بعض بيوت ، أو توقد في بعض بيوت فيكون تقييد للممثل به بما يكون تحبيرا ومبالغة فيه فإن قناديل المساجد تكون أعظم ، أو تمثيلا لصلاة المؤمنين أو أبدانهم بالمساجد ، ولا ينافي جمع البيوت وحدة المشكاة إذ المراد بها ما له هذا الوصف بلا اعتبار وحدة ولا كثرة أو بما بعده وهو يسبح ، وفيها تكرير مؤكد لا بيذكر لأنه من صلة أن لا فلا يعمل فيما قبله أو بمحذوف مثل سبحوا في بيوت ، والمراد بها المساجد لأن الصفة تلائمها . وقيل المساجد الثلاثة والتنكير للتعظيم . ( أذن الله أن ترفع ) بالبناء أو التعظيم . ( ويذكر فيها اسمه ) عام فيما يتضمن ذكره حتى المذاكرة في أفعاله والمباحثة في أحكامه . ( يسبح له فيها بالغدو والآصال ) ينزهونه أي يصلون له فيها بالغدوات والعشيات ، والغدو مصدر أطلق للوقت ولذلك حسن اقترانه بالآصال وهو جمع أصيل ، وقرئ «والإيصال » وهو الدخول في الأصيل وقرأ ابن عامر وأبو بكر «يسبح » بالفتح على إسناده إلى أحد الظروف الثلاثة ورفع رجال بما يدل عليه ، وقرئ ( تسبح ) بالتاء مكسورا لتأنيث الجمع ومفتوحا على إسناده إلى أوقات الغدو .

                                                                                                                                                                                                                                        ( رجال لا تلهيهم تجارة ) لا تشغلهم معاملة رابحة . ( ولا بيع عن ذكر الله ) مبالغة بالتعميم بعد التخصيص إن أريد به مطلق المعارضة ، أو بإفراد ما هو الأهم من قسمي التجارة فإن الربح يتحقق بالبيع ويتوقع بالشراء ، وقيل المراد بالتجارة الشراء فإنه أصلها ومبدؤها ، وقيل الجلب لأنه الغالب فيها ومنه يقال [ ص: 109 ]

                                                                                                                                                                                                                                        تجر في كذا إذا جلبه وفيه إيماء بأنهم تجار . ( وإقام الصلاة ) عوض فيه الإضافة من التاء المعوضة عن العين الساقطة بالإعلال كقوله :


                                                                                                                                                                                                                                        وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا



                                                                                                                                                                                                                                        ( وإيتاء الزكاة ) ما يجب إخراجه من المال للمستحقين . ( يخافون يوما ) مع ما هم عليه من الذكر والطاعة . ( تتقلب فيه القلوب والأبصار ) تضطرب وتتغير من الهول ، أو تتقلب أحوالها فتفقه القلوب ما لم تكن تفقه وتبصر الأبصار ما لم تكن تبصر ، أو تتقلب القلوب مع توقع النجاة وخوف الهلاك والأبصار من أي ناحية يؤخذ بهم ويؤتى كتابهم .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ليجزيهم الله ) متعلق بيسبح أو لا تلهيهم أو يخافون . ( أحسن ما عملوا ) أحسن جزاء ما عملوا الموعود لهم من الجنة . ( ويزيدهم من فضله ) أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم ولم تخطر ببالهم . ( والله يرزق من يشاء بغير حساب ) تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الإحسان .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية