الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار

                                                                                                                                                                                                                                        ( ألم تر أن الله يزجي سحابا ) يسوقه ومنه البضاعة المزجاة فإنه يزجيها كل أحد . ( ثم يؤلف بينه ) بأن يكون قزعا فيضم بعضه إلى بعض ، وبهذا الاعتبار صح بينه إذ المعنى بين أجزائه ، وقرأ نافع برواية ورش ( يولف ) غير مهموز . ( ثم يجعله ركاما ) متراكما بعضه فوق بعض . ( فترى الودق ) المطر ( يخرج من خلاله ) من فتوقه جمع خلل كجبال في جبل ، وقرئ من «خلله » . ( وينزل من السماء ) من الغمام وكل ما علاك فهو سماء . ( من جبال فيها ) من قطع عظام تشبه الجبال في عظمها أو جمودها . ( من برد ) بيان للجبال والمفعول محذوف أي ( ينزل ) مبتدأ ( من السماء من جبال فيها من برد ) بردا ، ويجوز أن تكون من الثانية أو الثالثة للتبعيض واقعة موقع المفعول ، وقيل المراد بالسماء المظلة وفيها جبال من برد كما في الأرض جبال من حجر ، وليس في العقل قاطع يمنعه والمشهور أن الأبخرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبقة الباردة من الهواء وقوي البرد هناك اجتمع وصار سحابا ، فإن لم يشتد البرد تقاطر مطرا ، وإن اشتد فإن وصل إلى الأجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا وإلا نزل بردا ، وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض وينعقد سحابا . ينزل منه المطر أو الثلج وكل ذلك لا بد أن يستند إلى إرادة الواجب الحكيم لقيام الدليل على أنها الموجبة لاختصاص الحوادث بمحالها وأوقاتها وإليها أشار بقوله : ( فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء ) والضمير للـ ( برد ) . ( يكاد سنا برقه ) ضوء برقه ، وقرئ بالمد بمعنى العلو وبإدغام الدال في السين «وبرقه » بضم الباء وفتح الراء وهو جمع برقة وهي المقدار من البرق كالغرفة وبضمها للاتباع . ( يذهب بالأبصار ) بأبصار الناظرين إليه من فرط الإضاءة وذلك أقوى دليل على كمال قدرته من حيث إنه توليد للضد من الضد ، وقرئ «يذهب » على زيادة الباء .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية