الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 226 ] ثم دخلت سنة خمس وأربعين وثلاثمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها عصى الروزبهان على معز الدولة ، وانحاز إلى الأهواز ، ولحق به عامة من كان مع المهلبي الذي كان يحاربه ، فلما بلغ ذلك معز الدولة لم يصدق ; لأنه كان قد أحسن إليه ، ورفع من قدره بعد الضعة والخمول ، ثم ركب إليه لقتاله ، فاتبعه الخليفة المطيع لله خوفا من ناصر الدولة بن حمدان ، فإنه بلغه أنه قد جهز جيشا مع ولده أبي المرجى جابر إلى بغداد ليأخذها حين بلغه أن معز الدولة قد خرج منها ، فأرسل معز الدولة حاجبه سبكتكين إلى بغداد ليحفظها ، وقصد معز الدولة إلى الروزبهان ، فاقتتلوا قتالا عظيما ، فهزمه معز الدولة ، وفرق أصحابه ، وأخذه أسيرا إلى بغداد في أبهة عظيمة فسجنه ، ثم أخرجه ليلا وغرقه ; لأن الديلم أرادوا إخراجه من السجن قهرا ، وانطوى ذكر روزبهان وإخوته ، وكان قد اشتعل اشتعال النار ، وحظيت الأتراك عند معز الدولة ، وانحطت الديلم عنده ; لأنه ظهر له خيانتهم في أمر الروزبهان وإخوته .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها دخل سيف الدولة إلى بلاد الروم ، فقتل وسبى ، ورجع إلى أذنة ثم عاد إلى حلب فحميت الروم ، فجمعوا وأقبلوا إلى ميافارقين فقتلوا وسبوا وحرقوا ورجعوا ، وركبوا في البحر إلى طرسوس فقتلوا من أهلها ألفا وثمانمائة ، [ ص: 227 ] وسبوا وحرقوا قرى كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها زلزلت همذان زلزالا شديدا ، انهدمت البيوت ، وانشق قصر شيرين بصاعقة ، ومات تحت الهدم خلق كثير لا يحصون كثرة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ووقعت فتنة عظيمة بين أهل أصبهان وأهل قم بسبب سب الصحابة من أهل قم فثار عليهم أهل أصبهان فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، ونهبوا أموال التجار ، فغضب ركن الدولة لأهل قم ; لأنه كان شيعيا ، فصادر أهل أصبهان بأموال كثيرة ، والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية