الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة فإن قال قائل قوله افعل بعد الحظر ما موجبه

              فإن قال قائل : قوله : " افعل " بعد الحظر ما موجبه ؟ ، وهل لتقدم الحظر تأثير ؟

              قلنا : قال قوم : لا تأثير لتقدم الحظر أصلا ، وقال قوم : هي قرينة تصرفها إلى الإباحة ، والمختار أنه ينظر ، فإن كان الحظر السابق عارضا لعلة ، وعلقت صيغة " افعل " بزواله ، كقوله تعالى : { فإذا حللتم فاصطادوا } فعرف الاستعمال يدل على أنه لرفع الذم فقط حتى يرجع حكمه إلى ما قبله ، وإن احتمل أن يكون رفع هذا الحظر بندب ، وإباحة لكن الأغلب ما ذكرناه كقوله : { فانتشروا } ، وكقوله عليه السلام : { كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فادخروا } أما إذا لم يكن الحظر عارضا لعلة ، ولا صيغة " افعل علق بزوالها ، فيبقى موجب الصيغة على أصل التردد بين الندب ، والإباحة ، ونزيح هاهنا احتمال الإباحة ، ويكون هذا قرينة تزيح هذا الاحتمال ، وإن لم تعينه ، إذ لا يمكن دعوى عرف الاستعمال في هذه الصيغة حتى يغلب العرف الوضع ، أما إذا لم ترد صيغة " افعل " لكن قال : فإذا حللتم فأنتم مأمورون بالاصطياد ، فهذا يحتمل الوجوب ، والندب ، ولا يحتمل الإباحة لأنه عرف في هذه الصورة .

              وقوله : " أمرتكم بكذا " يضاهي قوله " افعل " في جميع المواضع إلا في هذه الصورة ، وما يقرب منها .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية