الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر سوء سيرة بختيار وفساد حاله

لما حضرت معز الدولة الوفاة وصى ولده بختيار بطاعة عمه ركن الدولة ، واستشارته في كل ما يفعله ، وبطاعة عضد الدولة ابن عمه ، لأنه أكبر منه سنا ، وأقوم بالسياسة ، ووصاه بتقرير كاتبيه أبي الفضل العباس بن الحسين ، وأبي الفرج محمد بن العباس ، ( لكفايتهما وأمانتهما ، ووصاه بالديلم والأتراك ) وبالحاجب سبكتكين ، فخالف هذه الوصايا جميعها ، واشتغل باللهو واللعب ، وعشرة النساء ، والمساخر ، والمغنين ، وشرع في إيحاش كاتبيه وسبكتكين ، فاستوحشوا ، وانقطع سبكتكين عنه فلم يحضر داره .

ونفى كبار الديلم عن مملكته شرها إلى إقطاعاتهم وأموالهم وأموال المتصلين بهم ، فاتفق أصاغرهم عليه ، وطلبوا الزيادات ، واضطر إلى مرضاتهم ، واقتدى بهم الأتراك فعملوا مثل ذلك ، ولم يتم له على سبكتكين ما يريد لاحتياطه ، واتفق الأتراك معه ، وخرج الديلم إلى الصحراء ، وطالبوا بختيار بإعادة من أسقط منهم ، فاحتاج أن يجيبهم لتغير سبكتكين عليه ، وفعل الأتراك أيضا مثل فعلهم .

واتصل خبر موت معز الدولة بكاتبه أبي الفرج محمد بن العباس ، وهو متولي أمر عمان ، فسلمها إلى نواب عضد الدولة وسار نحو بغداذ .

وكان سبب تسليمها إلى عضد الدولة أن بختيار لما ملك بعد موت أبيه تفرد أبو الفضل بالنظر في الأمور ، فخاف أبو الفرج أن يستمر انفراده عنه ، فسلم عمان إلى عضد الدولة لئلا يؤمر بالمقام فيها لحفظها وإصلاحها ، وسار إلى بغداد ، فلم يتمكن من الذي أراد ، وتفرد أبو الفضل بالوزارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية