الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا . استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم يعني كفار مكة حلفوا بالله قبل إرسال محمد صلى الله عليه وسلم لئن جاءهم نذير أي: رسول الله ليكونن أهدى أي: أصوب دينا من إحدى الأمم يعني اليهود والنصارى والصابئين فلما جاءهم نذير وهو محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم مجيئه إلا نفورا أي: تباعدا عن الهدى، استكبارا في الأرض أي: عتوا على الله وتكبرا عن الإيمان به . قال الأخفش: نصب " استكبارا " على البدل من النفور . قال الفراء: المعنى: [ ص: 498 ] فعلوا ذلك استكبارا ومكر السيئ ، فأضيف المكر إلى السيئ، كقوله: وإنه لحق اليقين [الحاقة: 51]، وتصديقه في قراءة عبد الله: " ومكرا سيئا " ، والهمزة في " السيئ " مخفوضة، وقد جزمها الأعمش وحمزة، لكثرة الحركات; قال الزجاج: وهذا عند النحويين الحذاق لحن، إنما يجوز في الشعر اضطرارا . وقال أبو جعفر النحاس: كان الأعمش يقف على " مكر السيئ " فيترك الحركة، وهو وقف حسن تام، فغلط الراوي، فروى أنه كان يحذف الإعراب في الوصل، فتابع حمزة الغالط، فقرأ في الإدراج بترك الحركة .

                                                                                                                                                                                                                                      وللمفسرين في المراد بـ ( مكر السيئ ) قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنه الشرك . قال ابن عباس: عاقبة الشرك لا تحل إلا بمن أشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، حكاه الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: فهل ينظرون أي: ينتظرون إلا سنت الأولين أي: إلا أن ينزل العذاب بهم كما نزل بالأمم المكذبة قبلهم فلن تجد لسنت الله في العذاب تبديلا وإن تأخر ولن تجد لسنت الله تحويلا أي: لا يقدر أحد أن يحول العذاب عنهم إلى غيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية