الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4443 241 - حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول البيت ستون وثلاث مائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ، ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، والحميدي عبد الله بن الزبير نسبته إلى أحد أجداده حميد ، وابن أبي نجيح هو عبد الله ، واسم أبي نجيح يسار ضد اليمين ، وفي بعض النسخ : حدثنا ابن أبي نجيح ، وأبو معمر بفتح الميمين واسمه عبد الله بن سخبرة الأزدي الكوفي ، وفي هذا الإسناد لطيفة وهي أن ثلاثة من الرواة فيه اسم كل منهم عبد الله ، وكلهم ذكروا بغير اسمه ، وعبد الله الرابع هو ابن مسعود .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في غزوة الفتح ، فإنه أخرجه هناك عن صدقة بن الفضل ، عن سفيان بن عيينة إلى آخره ، ومضى الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله : "دخل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مكة" أراد به عام الفتح ، قوله : "وحول البيت" الواو فيه للحال ، قوله : "نصب" بضمتين وهي الأصنام ، قال الكرماني ، وقال صاحب التوضيح : نصب بالرفع صفة لقوله : "ستون وثلاث مائة" ، وقال بعضهم : كذا وقع للأكثر نصب بغير ألف ، والأوجه نصبه على التمييز إذ لو كان مرفوعا لكان صفة ، والواحد لا يقع صفة للجمع ، قلت : أخذ هذا من كلام ابن التين ، والحق هنا أن النصب واحد الأنصاب ، وقال الجوهري : النصب ما نصب فعبد من دون الله ، وكذلك النصب بالضم واحد الأنصاب ، وفي دعوى الأوجهية نظر ، لأنه إنما يتجه إذا جاءت الرواية بالنصب على التمييز ، وليست الرواية إلا بالرفع ، فحينئذ الوجه فيه أن يقال : إن النصب ما نصب أعم من أن يكون واحدا ، أو جمعا ، وأيضا هو في الأصل مصدر نصبت الشيء إذا أقمته ، فيتناول عموم الشيء ، قوله : "يطعنها" بضم العين ، قوله : "بعود في يده" أي بعود كائن في يده ، قوله : "ويقول" عطف على "يطعن" ، ويجوز أن يكون الواو للحال ، وفي كسر الأصنام دلالة على كسر ما في معناها من العيدان والمزامير التي لا معنى لها إلا اللهو بها عن ذكر الله عز وجل ، وقال ابن المنذر : وفي معنى الأصنام الصور المتخذة من المدر والخشب وشبههما .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 33 ] ولا يجوز بيع شيء منه إلا الأصنام التي تكون من ذهب أو فضة أو خشب أو حديد أو رصاص إذا غيرت وصارت قطعا ، وقال المهلب : ما كسر من آلات الباطل وكان فيها بعد كسرها منفعة فصاحبها أولى بها مكسورة ألا يرى أن الإمام حرقها بالنار على معنى التشديد والعقوبة في المال ، وقد هم صلى الله عليه وسلم بحرق دور من تخلف عن صلاة الجماعة والله سبحانه وتعالى أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية