الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: زين للذين كفروا الحياة الدنيا ؛ رفع على ما لم يسم فاعله؛ و " زين " ؛ جاز فيه لفظ التذكير؛ ولو كانت: " زينت " ؛ لكان صوابا؛ و " زين " ؛ صواب حسن؛ لأن تأنيث الحياة ليس بحقيقي؛ لأن معنى الحياة ومعنى العيش واحد؛ وقد فصل أيضا بين الفعل؛ وبين الاسم المؤنث. [ ص: 282 ] وقيل في قوله: زين للذين كفروا الحياة الدنيا ؛ قولان: قال بعضهم: زينها لهم إبليس؛ لأن الله - عز وجل - قد زهد فيها؛ وأعلم أنها متاع الغرور؛ وقال بعضهم: معناه أن الله - عز وجل - خلق فيها الأشياء المعجبة؛ فنظر إليها الذين كفروا بأكثر من مقدارها؛ ودليل قول هؤلاء قوله (تعالى): زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ؛ وكل جائز. وقوله - عز وجل -: ويسخرون من الذين آمنوا ؛ كان قوم من المشركين يسخرون من المسلمين؛ لأن حالهم في ذات اليد كانت قليلة؛ فأعلم الله - عز وجل - بأن الذين اتقوا فوقهم يوم القيامة؛ لأن المسلمين في عليين؛ والفجار في الجحيم؛ قال الله - عز وجل - إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون ؛ ومعنى: والله يرزق من يشاء بغير حساب ؛ أي: ليس يرزق المؤمن على قدر إيمانه؛ ولا يرزق الكافر على قدر كفره؛ فهذا معنى " بغير حساب " ؛ أي: ليس يحاسبه بالرزق في الدنيا على قدر العمل؛ ولكن الرزق في الآخرة على قدر العمل؛ وما يتفضل الله به - جل وعز.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية