الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما أرسلنا قبلك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق يقول : إن الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانوا بهذه المنزلة؛ ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : بلاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في "الشعب"، عن الحسن : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : يقول الفقير : لو شاء الله لجعلني غنيا مثل فلان . ويقول السقيم : لو شاء الله لجعلني صحيحا مثل فلان . ويقول الأعمى : لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : هو التفاضل في الدنيا والقدرة والقهر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن ابن جريج في قوله : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : يمسك على هذا ويوسع على هذا، فيقول : لم يعطني ربي ما أعطى فلانا . ويبتلي بالوجع، فيقول : لم يجعلني ربي [ ص: 151 ] صحيحا مثل فلان . في أشباه ذلك من البلاء، ليعلم من يصبر ممن يجزع، وكان ربك بصيرا بمن يصبر ومن يجزع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «لو شاء الله لجعلكم أغنياء كلكم لا فقير فيكم، ولو شاء الله لجعلكم فقراء كلكم لا غني فيكم، ولكن ابتلى بعضكم ببعض» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول"، عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : قال رجل : يا رسول الله، كيف ترى في رقيقنا، أقوام مسلمين، يصلون صلاتنا، ويصومون صومنا، نضربهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يوزن ذنبهم وعقوبتكم إياهم، فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنبهم أخذوا منكم» . قال : أفرأيت سبنا إياهم؟ قال . «يوزن ذنبهم وأذاكم إياهم، فإن كان أذاكم أكثر أعطوا منكم» . قال الرجل : ما أسمع عدوا أقرب إلي منهم! فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا فقال الرجل : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم؟ قال : «إنك لا تتهم في ولدك، فلا تطيب نفسا تشبع ويجوع، وتكتسي ويعرو» .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 152 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية