الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 227 ] تنبيه : قد يكون المال المفروض أقل وخطؤه أكثر ، وقد يكون أكثر ، وخطؤه أقل ، وحينئذ نقول : الخطآن لا يخلوان إما أن يكونا ناقصين ، أو زائدين ، أو أحدهما ناقص ، والآخر زائد ، فإذا كانا ناقصين فالمالان المفروضان إما أن يكونا أقل من الصواب ، أو أكثر ، وفي القسمين تضرب فاضل العددين في أصغر الخطأين وتقسم على تفاضلهما ، فما خرج زيد على المفروض إن كان المفروضان أقل من الصواب ، ونقص من أصغر المفروضين إن كان أكثر من الصواب ، أو تضرب بفاضل العددين في أصغر الخطأين ، وتقسم على تفاضلهما ، فما خرج زيد على المفروض الأكبر إن كان المفروضان أقل من الصواب ، ونقص من أصغر المفروضين إن كان أكثر من الصواب ، ولا يجوز أن يكون أحد المفروضين ناقصا ، والآخر زائدا ; لأنه إذا كانت العلة - في كون الخطأ ناقصا - كون المفروض دون الصواب استحال أن يكون المفروض دون الصواب علة في كون الخطأ زائدا ; لأنه يلزم أن توجب العلة الواحدة أمرين متضادين وهو محال .

                                                                                                                فإن كان الخطآن زائدين فالمفروضان إما أكثر من الصواب ، أو أقل منه ، وفي القسمين يجب ضرب العددين المفروضين في أعظم الخطأين ، ويقسم المبلغ على تفاضلهما ، فما خرج نقص من أصغر المفروضين إن كان أكثر من الصواب ، وإن كان أقل زيد الخارج على أكثرهما ، ولا يجوز أن يكون أحد المفروضين زائدا والآخر ناقصا لما تقدم .

                                                                                                                وإن كان أحد الخطأين زائدا والآخر ناقصا ، فيمتنع أن يكون المفروضان من جنس واحد ; لأن الشيء الواحد يمتنع أن يوجب المتضادين ، بل يجب أن يكون أحدهما مخالفا للآخر ، بأن يكون أحدهما أكثر من الصواب وخطؤه زائد ، والآخر أقل وخطؤه ناقص ، فتضرب بفاضل العددين في الناقص من الخطأين ، وتقسم المجموع على مجموعهما ، فما خرج زيد على أقل المفروضين ، أو تضرب بفاضل العددين في الزائد من الخطأين ، وتقسم على مجموعهما فما خرج نقص من أعظم المفروضين .

                                                                                                                [ ص: 228 ] فإن كان أحد المفروضين أقل من الصواب وخطؤه زائد ، والآخر أكثر من الصواب وخطؤه ناقص ، فتضرب بفاضل العددين في الناقص من الخطأين ، وتقسم المبلغ على مجموعهما فما خرج نقص من أعظم المفروضين ، أو تضرب بفاضل العددين في الزائد من الخطأين ، وتقسم على مجموعهما فما خرج زيد على أصغر المفروضين ، ولا يقال في هذا الفصل : أصغر الخطأين ، وأعظمهما ; لأنه قد يكون أقل ، أو أكثر ، أو مساويا ، كقولك : نريد عددا إن نقص ربعه بقي خمسة عشر ، فتفرضه ستة عشر يبقى اثنا عشر والخطأ ثلاثة ناقصة ، أو ثمانية وعشرون يبقى أحد وعشرون ، والخطأ ستة زائدة ، فجاء هاهنا الزائد أعظم ، أو اثنين وعشرين تبقى ستة عشر ونصف ، والخطأ واحد ونصف زائد ، فجاء هاهنا الناقص أعظم ، أو الثاني أربعة وعشرون ، تبقى ثمانية عشر والخطأ ثلاثة زائدة ، فقد تساوى الخطآن ، وهذه العوارض مأمونة في الوجهين الأولين ، وطرق العمل بالخطأ كثيرة ، غير أن بعضها أيسر ، وبعضها أعسر .

                                                                                                                ووقع لبعض الأندلسيين أن الصواب يخرج من خطأين ، وثلاثة ، وأكثر إذا وقع التغير في العدد المطلوب بأن يعطف عليه أو يستثنى منه ، وهذه بحار من الرياضات ، منها ما أحاطت بها الأفكار ، ومنها ما لا يعلمه إلا الله سبحانه ، فسبحان من يعلم ما لا يتناهى على التفصيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية