الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              178 (40) باب

                                                                                              ظلم دون ظلم

                                                                                              [ 98 ] عن عبد الله ، قال : لما نزلت : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ الأنعام : 82 ] شق ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا : أينا لا يظلم نفسه ؟! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس هو كما تظنون ، إنما هو كما قال لقمان لابنه : يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم [ لقمان : 13 ] .

                                                                                              رواه أحمد ( 1 \ 444 ) ، والبخاري ( 32 ) و ( 4776 ) ، ومسلم ( 124 ) ، والترمذي ( 3069 ) .

                                                                                              [ ص: 334 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 334 ] (40) ومن باب ظلم دون ظلم

                                                                                              (قوله تعالى : ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ الأنعام : 82 ] ) أي : لم يخلطوا ، يقال : لبست الأمر بغيره - بفتح الباء في الماضي ، وكسرها في المستقبل - لبسا : إذا خلطته ، ولبست الثوب - بكسر الباء في الماضي ، وفتحها في المستقبل - لبسا ولباسا . والظلم : وضع الشيء في غير موضعه ; ومنه قول النابغة :

                                                                                              . . . . . . . . . . . .

                                                                                              والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

                                                                                              فسمى الأرض مظلومة ; لأن النؤي حفر في الصلب منها ، وليس موضع حفر . والمراد به في الآية : الشرك ، وهو أعظم الظلم ; إذ المشرك اعتقد الإلهية لغير مستحقها ; كما قال تعالى : إن الشرك لظلم عظيم [ لقمان : 13 ] أي : لا ظلم أعظم منه . ويقال على المعاصي ظلم ; لأنها وضعت موضع ما يجب من الطاعة لله تعالى ، وقد يأتي الظلم ويراد به النقص ; كما قال تعالى : وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون [ البقرة : 57 ] أي : ما نقصونا بكفرهم شيئا ، ولكن نقصوا أنفسهم حظها من الخير .

                                                                                              [ ص: 335 ] وفي هذا الحديث : ما يدل على أن النكرة في سياق النفي تعم ; لأن الصحابة فهمت من ذلك العموم كل ظلم ، وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الفهم ، وبين لهم أن المراد بذلك ظلم مخصوص . وفي الآية : دليل على جواز إطلاق اللفظ العام ، والمراد به الخصوص .




                                                                                              الخدمات العلمية