الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء إن الله هو السميع البصير . أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق . ذلك بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا فأخذهم الله إنه قوي شديد العقاب . ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين . إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب . فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلا في ضلال .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: والله يقضي بالحق أي: يحكم به فيجزي بالحسنة والسيئة والذين يدعون من دونه من الآلهة . وقرأ نافع، وابن عامر: "تدعون" بالتاء على معنى: قل لهم: لا يقضون بشيء أي: لا يحكمون بشيء ولا يجازون به; وقد نبه الله عز وجل بهذا على أنه حي، لأنه إنما يأمر ويقضي من كان حيا، وأيد ذلك بذكر السمع والبصر، لأنهما إنما يثبتان لحي، [ ص: 215 ] قاله أبو سليمان الدمشقي . وما بعد هذا قد تقدم بعضه [يوسف: 109] وبعضه ظاهر إلى قوله: كانوا هم أشد منهم قوة وقرأ ابن عامر: "أشد منكم" بالكاف، وكذلك هو في مصاحفهم، وهو على الانصراف من الغيبة إلى الخطاب، وما كان لهم من الله أي: من عذاب الله من واق بقي العذاب عنهم .

                                                                                                                                                                                                                                      ذلك أي: ذلك العذاب الذي نزل بهم بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات . . . . إلى آخر الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      ثم ذكر قصة موسى وفرعون ليعتبروا . وأراد بقوله: اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه أعيدوا القتل عليهم كما كان أولا، قاله ابن عباس . وقال قتادة: كان فرعون قد كف عن قتل الولدان، فلما بعث الله موسى، أعاد عليهم القتل ليصدهم بذلك عن متابعة موسى .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وما كيد الكافرين إلا في ضلال أي: إنه يذهب باطلا ويحيق بهم ما يريده الله عز وجل .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية