الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الخلاف في ميراث أهل الملل ، وفيه شيء يتعلق بميراث العبد والقاتل .

( قال الربيع ) ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فوافقنا بعض الناس ، فقال : لا يرث مملوك ، ولا قاتل عمدا ، ولا خطأ ، ولا كافر شيئا ، ثم عاد فقال : إذا ارتد الرجل عن الإسلام فمات على الردة ، أو قتل ورثه ورثته المسلمون .

( قال الشافعي ) فقيل لبعضهم : أيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما ؟ قال : بل كافر ، قيل : فقد قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يرث الكافر المسلم } ، ولم يستثن من الكفار أحدا فكيف ورثت مسلما كافرا ؟ فقال : إنه كافر قد كان ثبت له حكم الإسلام ثم أزاله عن نفسه ، قلنا فإن كان زال بإزالته إياه ، فقد صار إلى أن يكون ممن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يرثه مسلم ، ولا يرث مسلما ، وإن كان لم يزل بإزالته إياه ، أفرأيت أن من مات له ابن مسلم ، وهو مرتد أيرثه ؟ قال : لا ، قلنا : ولم حرمته ؟ قال : للكفر ، قلنا : فلم لا يحرم منه بالكفر كما حرمته ؟ هل يعدو أن يكون في الميراث بحاله قبل أن يرتد فيرث ويورث أو يكون خارجا من حاله قبل أن يرتد فلا يرث ، ولا يورث ، وقد قتلته ؟ وذلك يدل على أن قد زالت بإزالته وحرمت عليه امرأته وحكمت عليه حكم المشركين في بعض وحكم المسلمين في بعض قال : فإني إنما ذهبت إلى أن عليا رضي الله عنه ورث ورثة مرتد قتله من المسلمين ماله قلنا : قد رويته عن علي رضي الله عنه وقد زعم بعض أهل العلم بالحديث قبلك أنه غلط على علي كرم الله وجهه ، ولو كان ثابتا عنه كان أصل مذهبنا ومذهبك أنه لا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فيحتمل أن يكون لا يرث الكافر الذي لم يزل كافرا قلنا فإن كان حكم المرتد مخالفا حكم من لم يزل كافرا فورثه فورثته المسلمون إذا ماتوا قبله فعلي لم ينهك عن هذا قال : هو داخل في جملة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت : فإن كان داخلا في جملة الحديث [ ص: 77 ] عن النبي صلى الله عليه وسلم لزمك أن تترك قولك في أن ورثته من المسلمين يرثونه ( قال الشافعي ) وقد روي عن معاذ بن جبل ومعاوية ومسروق وابن المسيب ومحمد بن علي بن الحسين أن المؤمن يرث الكافر ، ولا يرثه الكافر وقال : بعضهم كما تحل لنا نساؤهم ، ولا تحل لهم نساؤنا فإن قال لك قائل : { قضاء النبي صلى الله عليه وسلم كان في كافر من أهل الأوثان } وأولئك لا تحل ذبائحهم ، ولا نساؤهم وأهل الكتاب غيرهم فيرث المسلمون من أهل الكتاب اعتمادا على ما وصفنا ، أو بعضهم ; لأنه يحتمل لهم ما احتمل لك بل لهم شبهة ليست لك بتحليل ذبائح أهل الكتاب ونسائهم قال : لا يحل له ذلك قلنا ولم ؟ قال ; لأنهم داخلون في الكافرين وحديث النبي صلى الله عليه وسلم جملة . قلنا : فكذلك المرتد داخل في جملة الكافرين

التالي السابق


الخدمات العلمية