الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2888 باب كراء الأرض بالذهب والورق

                                                                                                                              وهو في النووي في: (الباب المتقدم ) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص206 ج10 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ عن حنظلة بن قيس الأنصاري، قال سألت رافع بن خديج، عن كراء الأرض بالذهب والورق ؟ فقال: لا بأس به. إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، على الماذيانات، وأقبال الجداول وأشياء من الزرع؛ فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا. فلم يكن للناس كراء، إلا هذا فلذلك زجر عنه. فأما شيء معلوم مضمون، فلا بأس به ] . [ ص: 117 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 117 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن حنظلة بن قيس الأنصاري، قال: سألت رافع بن خديج ) رضي الله عنه (عن كراء الأرض بالذهب والورق ؟ فقال: لا بأس به. إنما كان الناس يؤاجرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، على الماذيانات ) بكسر الذال المعجمة. هذا هو المشهور. وحكى عياض فتحها، في غير مسلم. وهي: "مسايل المياه". فتسمية النابت عليها باسمها كما هنا: مجاز مرسل. والعلاقة: المجاورة، أو الحالية والمحلية.

                                                                                                                              وقيل: هي ما ينبت على حافتي مسيل الماء.

                                                                                                                              وقيل: ما ينبت حول السواقي.

                                                                                                                              وهي لفظة معربة، ليست عربية.

                                                                                                                              قال في النيل: لكنها سوادية.

                                                                                                                              (وأقبال الجداول ) بفتح الهمزة، وسكون القاف، وتخفيف الباء.

                                                                                                                              أي: أوائلها ورءوسها.

                                                                                                                              والجداول: جمع "جدول" وهو النهر الصغير، كالساقية.

                                                                                                                              [ ص: 118 ] ومعناه: أنهم كانوا يدفعون الأرض، إلى من يزرعها ببذر من عنده، على أن يكون لمالك الأرض: ما ينبت على الماذيانات وأقبال الجداول، أو هذه القطعة، والباقي للعامل. فنهوا عن ذلك لما فيه من الغرر. فربما هلك هذا دون ذاك وعكسه.

                                                                                                                              (وأشياء من الزرع ) يعني: مجهول المقدار. ويدل على ذلك قوله في آخر الحديث: "وأما شيء معلوم.. إلخ".

                                                                                                                              (فيهلك ) بكسر اللام. أي: فربما يهلك (هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا. فلم يكن للناس كراء، إلا هذا. فلذلك زجر عنه ) على البناء للمجهول. أي: نهي عنه. وذلك لما فيه من الغرر؛ فيؤدي إلى التشاجر، وأكل أموال الناس بالباطل.

                                                                                                                              (فأما شيء معلوم مضمون، فلا بأس به ) .

                                                                                                                              هذا الحديث: يدل على تحريم المزارعة، على ما يفضي إلى الغرر والجهالة، ويوجب المشاجرة. وعليه تحمل الأحاديث الواردة في النهي عن المخابرة، كما هو شأن حمل المطلق على المقيد. ولا يصح حملها على المخابرة، التي فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خيبر، لما ثبت من أنه صلى الله عليه وآله وسلم: استمر عليها إلى موته، واستمر على مثل ذلك جماعة من الصحابة. ويؤيد هذا: تصريح رافع في هذا الحديث: بجواز المزارعة، على شيء معلوم مضمون. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية