الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: ألم تر أن الله يزجي سحابا ؛ معنى: " يزجي " : يسوق؛ ثم يؤلف بينه ؛ أي: يجعل القطع المتفرقة من السحاب قطعة واحدة؛ ثم يجعله ركاما ؛ أي: يجعل بعض السحاب يركب بعضا؛ فترى الودق يخرج من خلاله ؛ " الودق " : المطر؛ ويقرأ: " من خلله " ؛ و " خلاله " ؛ أعم وأجود في القراءة؛ و " خلال " ؛ جمع " خلل " ؛ و " خلال " ؛ مثل: " جبل " ؛ و " جبال " ؛ ويجوز أن يكون " السحاب " ؛ جمع " سحابة " ؛ ويكون " بينه " ؛ أي: " بين جميعه " ؛ ويجوز أن يكون " السحاب " ؛ واحدا؛ إلا أنه قال: " بينه " ؛ لكثرته؛ ولا يجوز أن تقول: " جلست بين زيد " ؛ حتى تقول: " وعمرو " ؛ وتقول: " ما زلت أدور بين الكوفة " ؛ لأن " الكوفة " ؛ اسم يتضمن أمكنة كثيرة؛ فكأنك تقول: " ما زلت أدور بين طرق الكوفة " .

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): وينـزل من السماء من جبال فيها من برد ؛ ويجوز: " وينزل " ؛ بالتخفيف؛ ومعنى " من السماء من جبال فيها من برد " : " من جبال برد فيها " ؛ كما تقول: " هذا خاتم في يدي من حديد " ؛ المعنى: " هذا خاتم حديد في يدي " ؛ ويجوز - والله أعلم - أن يكون معنى " من جبال " ؛ من مقدار جبال من برد؛ كما تقول: " عند فلان جبال مال " ؛ تريد: " مقدار جبال " ؛ من كثرته؛ قوله: يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ؛ [ ص: 50 ] وقرأ أبو جعفر المدني: " يذهب بالأبصار " ؛ ولم يقرأ بها غيره؛ ووجهها في العربية ضعيف؛ لأن كلام العرب: " ذهبت به " ؛ و " أذهبته " ؛ وتلك جائزة أيضا؛ أعني الضم في الياء؛ في " يذهب " ؛ ومعنى " سنا برقه " : ضوء برقه؛ وقرئت: " سنا برقه يذهب بالأبصار " ؛ على جمع " برقة " ؛ و " برق " ؛ والفرق بين " برقه " ؛ بالضم؛ و " برقه " ؛ بالفتح؛ أن " البرق " : المقدار من البرق؛ و " البرقة " : أن يبرق الشيء مرة واحدة؛ كما تقول: " غرفت غرفة واحدة " ؛ تريد " مرة واحدة " ؛ و " الغرفة " : مقدار ما يغرف؛ وكذلك " اللقمة " ؛ و " اللقمة " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية