الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( أما ) طلب التقرير فشرطه أن يكون على فور الطلب الأول والإشهاد عليه ، فإذا طلب على المواثبة وأشهد على فوره ذلك شخصا إلى حيث البائع أو المشتري أو الدار إذا كان قادرا عليه ، وتفصيل الكلام فيه أن المبيع إما أن يكون في يد البائع وإما أن يكون في يد المشتري ، فإن كان في يد البائع فالشفيع بالخيار إن شاء طلب من البائع وإن شاء طلب من المشتري وإن شاء طلب عند الدار .

                                                                                                                                ( أما ) الطلب من البائع والمشتري ; فلأن كل واحد منهما خصم البائع باليد والمشتري بالملك ، فكان كل واحد منهما خصما فصح الطلب من كل واحد منهما .

                                                                                                                                ( وأما ) الطلب عند الدار ; فلأن الحق متعلق بها فإن سكت عن الطلب من أحد المتبايعين وعند الدار مع القدرة عليه بطلت شفعته ; لأنه فرط في الطلب .

                                                                                                                                وإن كان في يد المشتري فإن شاء طلب من المشتري وإن شاء عند الدار ، ولا يطلب من البائع ; لأنه خرج من أن يكون خصما لزوال يده ولا ملك له فصار بمنزلة الأجنبي ، ولو لم يطلب من المشتري ولا عند الدار وشخص إلى البائع للطلب منه والإشهاد بطلت شفعته ; لوجود دليل الإعراض ، وفي الحقيقة لوجود دليل الرضا ولو تعاقد البائع والمشتري في غير الموضع الذي فيه الدار فليس على الشفيع أن يأتيهما ولكنه يطلب عند الدار ويشهد عليه ; لأن الشفيع إذا كان بجنب الدار - والعاقدان غائبان - تعينت الدار للطلب عندها والإشهاد ، فإن لم يطلب عندها وشخص إلى العاقدين بطلت شفعته لوجود الإعراض عن الطلب ، هذا إذا كان قادرا على الطلب من المشتري أو البائع أو عند الدار ، فأما إذا كان هناك حائل بأن كان بينهما نهر مخوف أو أرض مسبعة أو غير ذلك من الموانع - لا تبطل شفعته بترك المواثبة إلى أن يزول الحائل .

                                                                                                                                ( وأما ) الإشهاد على هذا الطلب فليس بشرط لصحته كما ليس بشرط لصحة طلب المواثبة ، وإنما هو لتوثيقه على تقدير الإنكار كما في الطلب الأول ، وكذا تسمية المبيع وتحديده ليس بشرط لصحة الطلب والإشهاد في ظاهر الرواية .

                                                                                                                                وروي عن أبي يوسف أنه شرط ; لأن الطلب لا يصح إلا بعد العلم ، والعقار لا يصير معلوما إلا بالتحديد فلا يصح الطلب والإشهاد بدونه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية