الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون وله من في السماوات والأرض كل له قانتون

                                                                                                                                                                                                ومن آياته قيام السماوات والأرض واستمساكهما بغير عمد "بأمره" أي بقوله : كونا قائمتين . والمراد بإقامته لهما إرادته لكونهما على صفة القيام دون الزوال . وقوله : إذا دعاكم بمنزلة قوله : يريكم ، في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى ، كأنه قال : ومن آياته قيام السماوات والأرض ، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة : يا أهل القبور اخرجوا . والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث ، كما يجيب الداعي المطاع مدعوه ، كما قال القائل [من الطويل ] :

                                                                                                                                                                                                [ ص: 574 ]

                                                                                                                                                                                                دعوت كليبا دعوة فكأنما . . . دعوت به ابن الطود أو هو أسرع



                                                                                                                                                                                                يريد بابن الطود : الصدى . أو الحجر إذا تدهدى ، وإنما عطف هذا على قيام السماوات والأرض بثم ، بيانا لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور ، قوموا ؛ فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر ، كما قال تعالى : ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [الزمر : 68 ] . قولك : دعوته من مكان كذا ، كما يجوز أن يكون مكانك يجوز أن يكون مكان صاحبك ، تقول : دعوت زيدا من أعلى الجبل فنزل علي ؛ ودعوته من أسفل الوادي فطلع إلي . فإن قلت : بم تعلق من الأرض أبالفعل أم بالمصدر ؟ قلت : هيهات ، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل . فإن قلت : ما الفرق بين إذا وإذا ؟ قلت : الأولى للشرط ، والثانية للمفاجأة ، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وقرئ : "تخرجون " ، بضم التاء وفتحها "قانتون" منقادون لوجود أفعاله فيهم لا يمتنعون عليه .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية