الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            1 - باب استعمال العبد الصدق والنية والإخلاص فيما يقول ويعمل لله عز وجل على موافقة السنة

                                                            قال الله تعالى : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين .

                                                            1 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي ، قالا : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب الفراء ، أخبرنا جعفر بن عون ، أخبرنا يحيى بن سعيد ، عن محمد بن إبراهيم التيمي ، عن علقمة بن وقاص ، قال : سمعت عمر ( رضي الله عنه ) يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ؛ فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه " [ ص: 10 ] .

                                                            2 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، قالا : أخبرنا أبو عبد الله الشيباني ، حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي ، أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا يحيى بن سعيد ، بمثله .

                                                            3 - سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ يقول : سمعت محمد بن سليمان بن فارس يقول : سمعت محمد بن إسماعيل ، يقول : قال عبد الرحمن بن مهدي : " من أراد أن يصنف كتابا فليبدأ بحديث " الأعمال [ ص: 11 ] بالنيات " .

                                                            وقد استعمله محمد بن إسماعيل البخاري - رحمه الله - فبدأ " الجامع الصحيح " بحديث " الأعمال بالنيات " ؛ واستعملناه في هذا الكتاب فبدأنا به [ ص: 12 ] .

                                                            4 - وكان الشافعي - رحمه الله - يقول : يدخل في حديث " الأعمال بالنيات " ثلث العلم .

                                                            5 - قلت : وهذا لأن كسب العبد إنما يكون بقلبه ولسانه وبنانه ، والنية واحدة من ثلاثة أقسام اكتسابه ، ثم لقسم النية ترجيح على القسمين الآخرين ، فإن النية تكون عبادة بإفرادها ، والقول العاري عن النية والعمل الخالي عن العقيدة لا يكونان عبادة بأنفسهما ؛ ولذلك قيل : " نية المؤمن خير من عمله " ؛ لأن القول والعمل يدخلهما الفساد والرياء ، والنية لا يدخلها ، وبالله التوفيق .

                                                            6 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا أبو معاوية ، حدثنا عاصم الأحول ، عن أبي العالية ، قال : كنا نحدث منذ خمسين سنة أن الأعمال تعرض على الله عز وجل فما كان منها له قال : " هذا كان لي وأنا أجزي به وما كان لغيره قال : اطلبوا ثواب هذا ممن عملتموه له " .

                                                            7 - أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنا بكير بن الحداد الصوفي [ ص: 13 ] ، بمكة ، حدثنا أبو عمر محمد بن الفضل بن سلمة ، حدثنا سعيد بن زنبور ، قال : سمعت فضيل بن عياض ، يقول : إن " الله تعالى ما يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا ولا يقبله إذا كان خالصا إلا على السنة " .

                                                            8 - أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلمي ، قال : سمعت محمد بن الحسن البغدادي يقول : سمعت جعفرا يقول : سمعت الجريري يقول : سمعت سهلا ( يعني ابن عبد الله التستري ) يقول : فطن الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا : أن تكون حركاته وسكونه في سره وعلانيته لله وحده لا شريك له لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا .

                                                            9 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرني جعفر بن محمد بن نصير ، حدثني الجنيد بن محمد ، قال : سمعت السري بن المغلس ، وقد ذكر الناس ، فقال : " لا تعمل لهم شيئا ولا تترك لهم شيئا ولا تعطهم شيئا ، ولا تكشف لهم شيئا " [ ص: 14 ] .

                                                            قال الجنيد : يريد بهذا القول كون أعمالك لله وحده .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية