الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 47 ]

        الباب التمهيدي

        ويشتمل على فصول:

        الفصل الأول: تعريف الوقف، وبيان حكمه، ودليله، وحكمته، وما يصح وقفه.

        الفصل الثاني: تاريخ الوقف عند المسلمين وغيرهم، وأنواعه، وأسبابه.

        الفصل الثالث: الوقف على العلم، والمحافظة عليه من قبل العلماء.

        الفصل الرابع: الوقف الذري.

        الفصل الخامس: الفرق بين الوقف وما يشبهه. [ ص: 48 ] [ ص: 49 ]

        الفصل الأول: تعريف الوقف، وبيان حكمه، ودليله، وحكمته، وما يصح وقفه

        وفيه مباحث:

        المبحث الأول: تعريف الوقف.

        المبحث الثاني: بيان حكمه، ودليله.

        المبحث الثالث: بيان تحقيق الوقف للمقاصد الشرعية، وحكمة مشروعيته، وأهميته، وخصائصه.

        المبحث الرابع: الشخصية الاعتبارية للوقف.

        المبحث الخامس: ما يصح وقفه. [ ص: 50 ] [ ص: 51 ]

        المبحث الأول: تعريف الوقف

        وفيه مطلبان:

        المطلب الأول: تعريف الوقف في اللغة

        الوقف لغة هو: الحبس، والتسبيل، يقال: وقفت الدابة وقفا: حبستها في سبيل الله.

        قال تعالى: وقفوهم إنهم مسئولون أي: احبسوهم.

        وقال عنترة:


        فوقفت فيها ناقتي وكأنها فدن لأقضي حاجة المتلوم

        والحبس: المنع، وهو يدل على التأبيد، يقال: وقف فلان أرضه وقفا مؤبدا، إذا جعلها حبيسة لا تباع ولا تورث; لأن الواقف يمنع التصرف بالموقوف. [ ص: 52 ]

        وهو مصدر قولك: وقف يقف وقفا، والفعل وقف ثلاثي يأتي متعديا ولازما، فقولك: « وقفت الدابة وقفا » متعد، وقولك: « وقفت وقوفا » لازم.

        قال ابن فارس: « الواو والقاف والفاء: أصل واحد يدل على تمكث في شيء ثم قاس عليه ».

        وفي المصباح المنير: « وقفت الدابة تقف وقفا ووقوفا: سكنت، ووقفتها يتعدى، ولا يتعدى ».

        « ولا يقال أوقفته إلا في لغة تميمية، وهي رديئة، وعليها العامة، وهو عكس حبس، فإن الفصيح أحبس، وأما حبس فلغة رديئة ».

        وأوقف: أنكرها جماهير علماء اللغة، وهي لغة تميمية رديئة، ولا تستخدم في فصيح الكلام إلا بمعنى: سكت وأمسك وأقلع، أوقفت عن الأمر الذي كنت فيه، أي: أقلعت.

        قال الطرماح:


        جامحا في غوايتي ثم أوقفت     رضا بالتقى وذو البر راضي

        ويأتي الوقف بمعنى: السكون، مثل: وقفت الدابة، أي: سكنت.

        وبمعنى: المنع، مثل: وقفت الموظف عن عمله، أي: منعته منه.

        وبمعنى: التعليق، مثل: وقف الأمر على حصول كذا، أي: علق عليه.

        وبمعنى: التأخير والتأجيل، مثل: وقفت قسمة الميراث، أي: أجلته. [ ص: 53 ]

        وبمعنى: التبين، ومنه: وقفت على ما عند فلان، أي: تبينته.

        وبمعنى: الاطلاع، ومنه: وقفته على ذنبه، أي: أطلعته عليه.

        وبمعنى: الوقوف، خلاف الجلوس.

        وبمعنى: السوار من العاج.

        وقيل: السوار ما كان.

        وروى أبو عبيدة، والأصمعي: الوقف: الخلخال ما كان من شيء من فضة، أو غيرها، وأكثر ما يكون من الذبل.

        والمسك إذا كان من عاج فهو وقف، وإذا كان من ذبل فهو مسك، وهو كهيئة السوار.

        وقيل للموقوف « وقف » تسمية بالمصدر، ولذا جمع على « أوقاف » كوقت وأوقات.

        وقد كثر إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كقولك: هذا وقف، أي: موقوف، ورهن، أي: مرهون، وكتاب، أي: مكتوب، ويجمع على أوقاف ووقوف.

        قال البعلي: « يقال: وقف الشيء وأوقفه، وحبسه وأحبسه، كله بمعنى واحد ».

        والوقف لغة: قد يكون حسيا، مثل: وقفت الدار، وقد يكون معنويا، مثل: وقفت جهودي للعلم. [ ص: 54 ] وقيل يقال: « وقفه، فيما يحبس باليد، و « أوقفه » فيما لا يحبس بها.

        وقول بعضهم: « وقف » بالتشديد فهي منكرة قليلة.

        وأحبس أولى من حبس فيما وقف في سبيل الله من خيل وغيرها.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية