الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( والمفروض في مسح الرأس مقدار الناصية ، وهو ربع الرأس ) [ ص: 50 ] لما روى المغيرة بن شعبة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال وتوضأ ومسح على ناصيته وخفيه }والكتاب مجمل ، فالتحق بيانا به ، وهو حجة على الشافعي في التقدير بثلاث شعرات ، وعلى مالك في اشتراط الاستيعاب ، وفي بعض الروايات قدره بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى بثلاث أصابع من أصابع اليد ; لأنها أكثر ما هو الأصل في آلة المسح . [ ص: 51 ]

                                                                                                        [ ص: 49 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 49 ] بسم الله الرحمن الرحيموبه نستعين ، وصلى الله على سيدنا محمد . وآله وصحبه وسلم .

                                                                                                        كتاب الطهارات الحديث الأول : روى المغيرة بن شعبة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم ، فبال قائما وتوضأ ، ومسح على ناصيته وخفيه } ، قلت : هذا حديث مركب من حديثين ، رواهما المغيرة بن شعبة ، جعلهما المصنف حديثا واحدا ، فحديث المسح على الناصية والخفين . أخرجه مسلم عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ، ومسح بناصيته ، وعلى العمامة ، وعلى الخفين }انتهى .

                                                                                                        ورواه الطبراني في " معجمه " بهذا الإسناد ، ولم يذكر فيه العمامة ، ووهم ابن الجوزي في " كتاب التحقيق " فعزا هذا [ ص: 50 ] الحديث إلى الصحيحين ، وليس كذلك ، بل انفرد به مسلم . وتعقبه عليه صاحب " التنقيح " .

                                                                                                        وروى أبو داود في " سننه " من حديث أبي معقل عن { أنس ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ، وعليه عمامة قطرية ، فأدخل يده من تحت العمامة ، فمسح مقدم رأسه ، ولم ينقض العمامة }. انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه أبو داود . ثم المنذري في " مختصره " ، ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وسكت عنه ، ثم قال : وهذا الحديث ، وإن لم يكن إسناده على شرط الكتاب ، فإن فيه لفظة غريبة ، وهي : أنه مسح بعض رأسه ، ولم ينقض العمامة انتهى .

                                                                                                        وحديث السباطة . والبول قائما ، رواه ابن ماجه في " سننه "

                                                                                                        حدثنا إسحاق بن منصور ثنا أبو داود ثنا شعبة عن عاصم عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما }. قال شعبة : قال عاصم : يومئذ ، وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة ، وما حفظه ، فسألت عنه منصورا ، فحدثنيه عن أبي وائل عن حذيفة . انتهى .

                                                                                                        وحديث حذيفة هذا أخرجه البخاري ، ومسلم عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم ، فبال قائما ، ثم دعا بماء فجئته به ، ثم توضأ ، زاد مسلم : ومسح على خفيه انتهى .

                                                                                                        ووقع لشيخنا العلامة علاء الدين في هذا الحديث وهم من وجهين :

                                                                                                        أحدهما : أنه قال في حديث حذيفة بعد أن حكاه بلفظ البخاري . وزيادة مسلم : أخرجاه ، وقد بينا أن مسلما انفرد فيه بالمسح على الخفين ، وقد صرح بذلك عبد الحق في " الجمع بين الصحيحين " فقال : لم يذكر البخاري فيه : المسح على الخفين .

                                                                                                        الوهم الثاني : أنه جعل حديث الكتاب مركبا من حديث المغيرة ، { أنه عليه السلام [ ص: 51 ] مسح بناصيته وخفيه }.

                                                                                                        ومن حديث حذيفة ، في السباطة . والبول قائما . وهذا عجب منه ; لأن المصنف جعلهما من رواية المغيرة ، وقد بينا أن حديث السباطة ، والبول قائما أيضا . رواه المغيرة بن شعبة ، كما أخرجه عنه ابن ماجه ، وكان من الواجب أن يذكرهما من رواية المغيرة ليطابق عزو المصنف ، وهذا الوهم الثاني لم يستبد به الشيخ ، وإنما قلد فيه غيره ، والله أعلم .




                                                                                                        الخدمات العلمية