الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2478 ) مسألة : قال : ( ثم ينحدر من الصفا ، فيمشي حتى يأتي العلم الذي في بطن الوادي ، فيرمل من [ ص: 193 ] العلم إلى العلم ، ثم يمشي حتى يأتي المروة ، فيقف عليها ، ويقول كما قال على الصفا ، وما دعا به أجزأه ، ثم ينزل ماشيا إلى العلم ، ثم يرمل حتى يأتي العلم ، يفعل ذلك سبع مرات ، يحتسب بالذهاب سعية ، وبالرجوع سعية ، يفتتح بالصفا ويختتم بالمروة ) هذا وصف السعي ، وهو أن ينزل من الصفا ، فيمشي حتى يأتي العلم .

                                                                                                                                            ومعناه يحاذي العلم ، وهو الميل الأخضر المعلق في ركن المسجد ، فإذا كان منه نحوا من ستة أذرع ، سعى سعيا شديدا ، حتى يحاذي العلم الآخر ، وهو الميلان الأخضران اللذان بفناء المسجد ، وحذاء دار العباس ، ثم يترك السعي ، ويمشي حتى يأتي المروة ، فيستقبل القبلة ، ويدعو بمثل دعائه على الصفا .

                                                                                                                                            وما دعا به فجائز ، وليس في الدعاء شيء مؤقت . ثم ينزل فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه ، ويكثر من الدعاء والذكر فيما بين ذلك . قال أبو عبد الله : كان ابن مسعود إذا سعى بين الصفا والمروة ، قال : رب اغفر وارحم ، واعف عما تعلم ، وأنت الأعز الأكرم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { إنما جعل رمي الجمار ، والسعي بين الصفا والمروة ، لإقامة ذكر الله تعالى } . قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . حتى يكمل سبعة أشواط ، يحتسب بالذهاب سعية ، وبالرجوع سعية .

                                                                                                                                            وحكي عن ابن جرير ، وبعض أصحاب الشافعي ، أنهم قالوا : ذهابه ورجوعه سعية . وهذا غلط ; لأن جابرا قال { في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم : ثم نزل إلى المروة ، حتى إذا انصبت قدماه ، رمل في بطن الوادي ، حتى إذا صعدنا مشى ، حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلما كان آخر طوافه على المروة ، قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لم أسق الهدي ، وجعلتها عمرة } .

                                                                                                                                            وهذا يقتضي أنه آخر طوافه ، ولو كان على ما ذكروه ، كان آخر طوافه عند الصفا ، في الموضع الذي بدأ منه ، ولأنه في كل مرة طائف بهما ، فينبغي أن يحتسب بذلك مرة ، كما أنه إذا طاف بجميع البيت احتسب به مرة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية