الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: وأنتم تشهدون بما يدل على صحتها من كتابكم الذي فيه البشارة بها ، وهذا قول قتادة ، والربيع ، والسدي . والثاني: وأنتم تشهدون بمثلها من آيات الأنبياء التي تقرون بها. والثالث: وأنتم تشهدون بما عليكم فيه الحجة. قوله تعالى: يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل فيه تأويلان: [ ص: 401 ]

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: تحريف التوراة والإنجيل ، وهذا قول الحسن ، وابن زيد . والثاني: الدعاء إلى إظهار الإسلام في أول النهار والرجوع عنه في آخره قصدا لتشكيك الناس فيه ، وهذا قول ابن عباس ، وقتادة . والثالث: الإيمان بموسى وعيسى والكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم. وتكتمون الحق يعني ما وجدوه عندهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، والبشارة به في كتبهم عنادا من علمائهم. وأنتم تعلمون يعني الحق بما عرفتموه من كتبكم. قوله تعالى: ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم فيه قولان: أحدهما: معناه لا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم. والثاني: لا تعترفوا بالحق إلا لمن تبع دينكم. واختلف في تأويل ذلك على قولين: أحدهما: أنهم كافة اليهود ، قال ذلك بعضهم لبعض ، وهذا قول السدي ، وابن زيد . والثاني: أنهم يهود خيبر قالوا ذلك ليهود المدينة ، وهذا قول الحسن . واختلف في سبب نهيهم أن يؤمنوا إلا لمن تبع دينهم على قولين: أحدهما: أنهم نهوا عن ذلك لئلا يكون طريقا لعبدة الأوثان إلى تصديقه ، وهذا قول الزجاج. والثاني: أنهم نهوا عن ذلك لئلا يعترفوا به فيلزمهم العمل بدينه لإقرارهم بصحته. قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم فيه قولان: أحدهما: أن في الكلام حذفا ، وتقديره: قل إن الهدى هدى الله ألا يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أيها المسلمون ، ثم حذف (لا) من الكلام لدليل الخطاب [ ص: 402 ]

                                                                                                                                                                                                                                        عليها مثل قوله تعالى: يبين الله لكم أن تضلوا [النساء: 176] أي لا تضلوا ، وهذا معنى قول السدي ، وابن جريج . والثاني: أن معنى الكلام: قل إن الهدى هدى الله فلا تجحدوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم. أو يحاجوكم عند ربكم فيه قولان: أحدهما: يعني ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم لأنه لا حجة لهم ، وهذا قول الحسن ، وقتادة . والثاني: إن معناه حتى يحاجوكم عند ربكم ، على طريق التبعيد ، كما يقال: لا تلقاه أو تقوم الساعة ، وهذا قول الكسائي ، والفراء. قوله تعالى: يختص برحمته من يشاء فيه قولان: أحدهما: أنها النبوة ، وهو قول الحسن ، ومجاهد ، والربيع. والثاني: القرآن والإسلام ، وهذا قول ابن جريج. واختلفوا في النبوة هل تكون جزاء على عمل؟ على قولين: أحدهما: أنها جزاء عن استحقاق. والثاني: أنها تفضل لأنه قال: يختص برحمته من يشاء

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية