الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وكذلك ما ليس له دم سائل مثل الحية والوزغ وسام أبرص وجميع الحشرات وهوام الأرض من الفأر والقراد والقنافذ والضب واليربوع وابن عرس ونحوها ، ولا خلاف في حرمة هذه الأشياء إلا في الضب فإنه حلال عند الشافعي ، واحتج بما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال { : أكلت على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم ضب ، } وعن ابن سيدنا عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : إنه لم يكن بأرض قومي فأجد نفسي تعافه فلا آكله ولا أحرمه } وهذا نص على عدم الحرمة الشرعية وإشارة إلى الكراهة الطبيعية .

                                                                                                                                ( ولنا ) قوله تبارك وتعالى { ويحرم عليهم الخبائث } والضب من الخبائث وروي عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها { أن النبي عليه الصلاة والسلام [ ص: 37 ] أهدي إليه لحم ضب فامتنع أن يأكله فجاءت سائلة فأرادت سيدتنا عائشة رضي الله عنها أن تطعمها إياه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتطعمين ما لا تأكلين ؟ } ولا يحتمل أن يكون امتناعه لما أن نفسه الشريفة عافته ; لأنه لو كان كذلك لما منع من التصدق به كشاة الأنصار إنه لما امتنع من أكلها أمر بالتصدق بها ; ولأن الضب من جملة المسوخ والمسوخ محرمة كالدب والقرد والفيل فيما قيل والدليل عليه ما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الضب فقال عليه الصلاة والسلام إن أمة مسخت في الأرض وإني أخاف أن يكون هذا منها } وهكذا روي { عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : كنا في بعض المغازي فأصابتنا مجاعة فنزلنا في أرض كثيرة الضباب فنصبنا القدور وكانت القدور تغلي إذ جاء النبي عليه الصلاة والسلام فقال : ما هذا ؟ قلنا الضب يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام : إن أمة مسخت فأخاف أن يكون هذا منها فأمر بإلقاء القدور } ، وما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وما روينا فهو خاطر والعمل بالخاطر أولى .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية