الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ويوم الجمعة من جملة تلك الأيام ، فينبغي أن يكون العبد في جميع نهاره متعرضا لها بإحضار القلب ، وملازمة الذكر والنزوع عن وساوس الدنيا فعساه يحظى بشيء من تلك النفحات .

وقد قال كعب الأحبار إنها في آخر ساعة من يوم الجمعة وذلك عند الغروب .

التالي السابق


(ويوم الجمعة من جملة تلك الأيام، فينبغي أن يكون العبد في جميع نهاره متعرضا لها بإحضار القلب، وملازمة) الأوراد فيه مواصلها، وبتعميره له بتجديد (الذكر) في كل ساعة منه (والنزوع عن وساوس الدنيا) ، والتنصل عنها، وعن حظوظها (فعساه) يصادفها، و (يحظى بشيء من تلك النفحات) بإذن الله تعالى، فإن لم يواصل الساعات في يوم واحد، فليواصلها جمعا شتى وقتا على وقت على ترتيب أوقات يوم الجمعة، فإنها تقع في الأوقات لا محالة (وقد قال كعب) بن مانع الحميري (الأحبار) هذا هو المشهور في لقبه، وفيه كلام تقدم ذكره في كتاب العلم، وتفصيل أودعته في شرحي على القاموس: (إنها في آخر ساعة في يوم الجمعة) .

قلت: وهو قول عبد الله بن سلام، كما هو عند أبي داود، والنسائي، والحاكم، وروى سعيد بن منصور في سننه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناسا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اجتمعوا، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرقوا، ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة، وهذا هو القول العاشر، وروى أبو داود، والنسائي، والحاكم في المستدرك من طريق الجلاح مولى عبد العزيز، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله رفعه: يوم الجمعة اثنتا عشرة - يريد ساعة - لا يوجد مسلم يسأل الله تعالى إلا آتاه الله، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر.

قال ابن عبد البر: قيل: إن قوله: فالتمسوها... إلخ من كلام أبي سلمة، وقول المصنف (وذلك عند الغروب) ، وهو أشبه بما ذهبت إليه فاطمة -رضي الله عنها-، وبين هذا القول، وبين قول من قال: آخر ساعة من اليوم فرق، فإن قول من قال: آخر ساعة قد عين الجزء الأخير من الوقت، وهو من اثني عشر جزءا، وقول من قال: عند الغروب لا يعين الساعة الأخيرة بكمالها؛ بل يحتمل أنها اللحظة في أثناء هذه الساعة، ولا تتعين اللحظة الأخيرة منها، وعلى هذا، فهو مغاير لقول عبد الله بن سلام، ومن وجه مغاير لقول فاطمة -رضي الله عنها- أيضا باعتبار في قولها -رضي الله عنها- السابق تعيين للجزء الأخير منها، فهما متغايران، فإن ثبت ذلك عند التأمل، فهو القول الحادي عشر .




الخدمات العلمية