الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        وقد ذكرت لها شروط غير معتبرة على الأصح .

                        منها : ما شرطه فيها الحنفية ، وأبو عبد الله البصري ، وهو تعدي العلة من الأصل إلى غيره ، فلو وقفت على حكم النص لم تؤثر في غيره .

                        وهذا يرجع إلى التعليل بالعلة القاصرة ، وقد وقع الاتفاق على أنها إذا كانت منصوصة ، أو مجمعا عليها; صح التعليل بها .

                        حكى ذلك القاضي أبو بكر ، وابن برهان ، والصفي الهندي ، وخالفهم القاضي عبد الوهاب ، فنقل عن قوم : أنه لا يصح التعليل بها على الإطلاق ، سواء كانت منصوصة أو مستنبطة .

                        قال : وهذا قول أكثر أهل العراق انتهى .

                        [ ص: 610 ] وأما إذ كانت العلة القاصرة مستنبطة ، فهي محل الخلاف .

                        فقال أبو بكر القفال بالمنع .

                        وبمثله قال ابن السمعاني ، ونقله إمام الحرمين عن الحليمي .

                        وقال القاضي أبو بكر ، وجمهور أصحاب الشافعي بالجواز .

                        قال القاضي عبد الوهاب : هو قول جميع أصحابنا ، وأصحاب الشافعي ، وحكاه الآمدي عن أحمد .

                        قال ابن برهان في الوجيز كان الأستاذ أبو إسحاق من الغلاة في تصحيح العلة القاصرة ، ويقول : هي أولى من المتعدية . واحتج بأن وقوفها يقتضي نفي الحكم عن الأصل ( كما أوجب تعديها ثبوت حكم الأصل في غيره ، فصار وقوفها مؤثرا ) في النفي ، كما كان تعديها مؤثرا في الإثبات ، وهذا احتجاج فاسد ، واستدلال باطل .

                        ومنها : أن يكون وصفها حكما شرعيا ، عند قوم; لأنه معلول ، فكيف يكون علة .

                        والمختار جواز تعليل الحكم الشرعي بالوصف الشرعي .

                        ومنها : أن تكون مستنبطة من أصل مقطوع بحكمه عند قوم .

                        والمختار عدم اعتبار ذلك بل يكتفى بالظن .

                        ومنها : القطع بوجود العلة في الفرع عند قوم ، منهم البزدوي .

                        والمختار الاكتفاء بالظن .

                        ومنها : أن لا تكون مخالفة لمذهب صحابي ، وذلك عند من يقول بحجية قول الصحابي ، لا عند الجمهور .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية