الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 206 ] مسألة : قال : ( فإذا طلعت الشمس ، دفع إلى عرفة ، فأقام بها حتى يصلي الظهر والعصر ، بإقامة لكل صلاة ، وإن أذن فلا بأس ، وإن فاته مع الإمام صلى في رحله ) وجملة ذلك أن المستحب أن يدفع إلى الموقف من منى إذا طلعت الشمس يوم عرفة ، فيقيم ، بنمرة ، وإن شاء بعرفة ، حتى تزول الشمس ، ثم يخطب الإمام خطبة ، يعلم الناس فيها مناسكهم ، من موضع الوقوف ووقته ، والدفع من عرفات ، ومبيتهم بمزدلفة ، وأخذ الحصى لرمي الجمار ; لما تقدم في حديث جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، ثم يأمر بالأذان ، فينزل فيصلي الظهر والعصر ، يجمع بينهما ، ويقيم لكل صلاة إقامة . } وقال أبو ثور : يؤذن المؤذن إذا صعد الإمام المنبر فجلس ، فإذا فرغ المؤذن ، قام الإمام فخطب .

                                                                                                                                            وقيل : يؤذن في آخر خطبة الإمام . وحديث جابر يدل على أنه أذن بعد فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من خطبته . وكيفما فعل فحسن . وقوله : ( وإن أذن فلا بأس ) . كأنه ذهب إلى أنه مخير بين أن يؤذن للأولى أو لا يؤذن . وكذا قال أحمد ; لأن كلا مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . والأذان أولى . وهو قول الشافعي ، وأبي ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وقال مالك : يؤذن لكل صلاة . واتباع ما جاء في السنة أولى ، وهو مع ذلك موافق للقياس ، كما في سائر المجموعات والفوائت . وقول الخرقي : ( فإن فاته مع الإمام صلى في رحله ) . يعني أن المنفرد يجمع كما يجمع مع الإمام ، فعله ابن عمر . وبه قال عطاء ، ومالك ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وصاحبا أبي حنيفة .

                                                                                                                                            وقال النخعي ، والثوري ، وأبو حنيفة : لا يجمع إلا مع الإمام ; لأن لكل صلاة وقتا محدودا ، وإنما ترك ذلك في الجمع مع الإمام ، فإذا لم يكن إمام ، رجعنا إلى الأصل . ولنا ، أن ابن عمر كان إذا فاته الجمع بين الظهر والعصر ، مع الإمام بعرفة ، جمع بينهما منفردا . ولأن كل جمع جاز مع الإمام جاز منفردا ، كالجمع بين العشاءين بجمع . وقولهم : إنما جاز الجمع في الجماعة . لا يصح ; لأنهم قد سلموا أن الإمام يجمع وإن كان منفردا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية