الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون

                                                                                                                                                                                                الفتح : النصر ، أو الفصل بالحكومة ، من قوله : ربنا افتح بيننا [الأعراف : 89 ] وكان المسلمون يقولون : إن الله سيفتح لنا على المشركين ، ويفتح بيننا وبينهم ، فإذا سمع [ ص: 40 ] المشركون قالوا : متى هذا الفتح أي في أي وقت يكون ، إن كنتم صادقين في أنه كائن . و يوم الفتح يوم القيامة وهو يوم الفصل بين المؤمنين وأعدائهم ، ويوم نصرهم عليهم . وقيل : هو يوم بدر . وعن مجاهد والحسن -رضي الله عنهما - : يوم فتح مكة . فإن قلت : قد سألوا عن وقت الفتح ، فكيف ينطبق هذا الكلام جوابا على سؤالهم . قلت : كان غرضهم في السؤال عن وقت الفتح ، استعجالا منهم عن وجه التكذيب والاستهزاء ، فأجيبوا على حسب ما عرف من غرضهم في سؤالهم فقيل لهم : لا تستعجلوا به ولا تستهزئوا ، فكأني بكم وقد حصلتم في ذلك اليوم ، وآمنتم فلم ينفعكم الإيمان ، واستنظرتم في إدراك العذاب فلم تنظروا . فإن قلت : فمن فسره بيوم الفتح أو يوم بدر كيف يستقيم على تفسيره أن لا ينفعهم الإيمان ، وقد نفع الطلقاء يوم فتح مكة وناسا يوم بدر ؟ قلت : المراد أن المقتولين منهم لا ينفعهم إيمانهم في حال القتل ، كما لم ينفع فرعون إيمانه عند إدراك الغرق "وانتظر " النصرة عليهم وهلاكهم إنهم منتظرون الغلبة عليكم وهلاككم ، كقوله تعالى : فتربصوا إنا معكم متربصون [التوبة : 52 ] وقرأ ابن السميقع رحمه الله : منتظرون ، بفتح الظاء . ومعناه : وانتظر هلاكهم فإنهم أحقاء بأن ينتظر هلاكهم ، يعني أنهم هالكون لا محالة . أو وانتظر ذلك ; فإن الملائكة في السماء ينتظرونه .

                                                                                                                                                                                                عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : "من قرأ الم تنزيل وتبارك الذي بيده الملك ، أعطي من الأجر كأنما أحيا ليلة القدر " . وقال : "من قرأ الم تنزيل في بيته لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام " .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية