الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 513 ] ( شهد ) في أسماء الله تعالى الشهيد هو الذي لا يغيب عنه شيء . والشاهد : الحاضر وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد . وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم .

                                                          * ومنه حديث علي وشهيدك يوم الدين أي شاهدك على أمته يوم القيامة .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث سيد الأيام يوم الجمعة ، هو شاهد أي هو يشهد لمن حضر صلاته . وقيل في قوله تعالى : وشاهد ومشهود إن شاهدا يوم الجمعة ، ومشهودا يوم عرفة ، لأن الناس يشهدونه : أي يحضرونه ويجتمعون فيه .

                                                          * ومنه حديث الصلاة فإنها مشهودة مكتوبة أي تشهدها الملائكة وتكتب أجرها للمصلي .

                                                          * ومنه حديث صلاة الفجر فإنها مشهودة محضورة أي يحضرها ملائكة الليل والنهار ، هذه صاعدة وهذه نازلة .

                                                          ( هـ س ) وفيه المبطون شهيد والغرق شهيد قد تكرر ذكر الشهيد والشهادة في الحديث . والشهيد في الأصل من قتل مجاهدا في سبيل الله ، ويجمع على شهداء ، ثم اتسع فيه فأطلق على من سماه النبي صلى الله عليه وسلم من المبطون ، والغرق ، والحرق ، وصاحب الهدم ، وذات الجنب وغيرهم . وسمي شهيدا لأن الله وملائكته شهود له بالجنة . وقيل : لأنه حي لم يمت ، كأنه شاهد : أي حاضر . وقيل لأن ملائكة الرحمة تشهده . وقيل : لقيامه بشهادة الحق في أمر الله حتى قتل . وقيل : لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة بالقتل . وقيل : غير ذلك . فهو فعيل بمعنى فاعل ، وبمعنى مفعول على اختلاف التأويل .

                                                          ( س ) وفيه خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها هو الذي لا يعلم صاحب [ ص: 514 ] الحق أن له معه شهادة . وقيل : هي في الأمانة والوديعة وما لا يعلمه غيره . وقيل : هو مثل في سرعة إجابة الشاهد إذا استشهد أن لا يؤخرها ولا يمنعها . وأصل الشهادة الإخبار بما شاهده وشهده .

                                                          ( س ) ومنه الحديث يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون هذا عام في الذي يؤدي الشهادة قبل أن يطلبها صاحب الحق منه ، فلا تقبل شهادته ولا يعمل بها ، والذي قبله خاص . وقيل : معناه هم الذين يشهدون بالباطل الذي لم يحملوا الشهادة عليه ، ولا كانت عندهم . ويجمع الشاهد على شهداء ، وشهود ، وشهد ، وشهاد .

                                                          [ هـ ] وفي حديث عمر ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أن لا تعربوا عليه ؟ قالوا : نخاف لسانه ، قال : ذلك أحرى أن لا تكونوا شهداء أي إذا لم تفعلوا ذلك لم تكونوا في جملة الشهداء الذين يستشهدون يوم القيامة على الأمم التي كذبت أنبياءها .

                                                          * ومنه الحديث اللعانون لا يكونون شهداء أي لا تسمع شهادتهم . وقيل : لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم الخالية .

                                                          * وفي حديث اللقطة فليشهد ذا عدل الأمر بالشهادة أمر تأديب وإرشاد ، لما يخاف من تسويل النفس وانبعاث الرغبة فيها فتدعوه إلى الخيانة بعد الأمانة ، وربما نزل به حادث الموت فادعاها ورثته وجعلوها من جملة تركته .

                                                          * ومنه الحديث شاهداك أو يمينه ارتفع شاهداك بفعل مضمر معناه : ما قال شاهداك .

                                                          ( هـ س ) وفي حديث أبي أيوب رضي الله عنه أنه ذكر صلاة العصر ثم قال : لا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد ، قيل : وما الشاهد ؟ قال : النجم سماه الشاهد لأنه يشهد بالليل : أي يحضر ويظهر .

                                                          * ومنه قيل لصلاة المغرب : صلاة الشاهد .

                                                          * وفي حديث عائشة قالت لامرأة عثمان بن مظعون وقد تركت الخضاب والطيب : [ ص: 515 ] أمشهد أم مغيب ؟ فقالت : مشهد كمغيب يقال : امرأة مشهد إذا كان زوجها حاضرا عندها ، وامرأة مغيب إذا كان زوجها غائبا عنها . ويقال : فيه مغيبة ، ولا يقال : مشهدة . أرادت أن زوجها حاضر لكنه لا يقربها فهو كالغائب عنها .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن مسعود كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن يريد تشهد الصلاة ، وهو التحيات ، سمي تشهدا لأن فيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وهو تفعل من الشهادة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية