الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الخامسة ) : قال بعض الصوفية وغيرهم : اسم الله الأعظم هو بسم الله الرحمن الرحيم كلها ، وعند أكثر أهل العلم أنه لفظ الجلالة ، وعدم الإجابة لأكثر الناس مع الدعاء به لتخلف بعض الشروط التي من أهمها الإخلاص وأكل الحلال . وقد أخرج أبو داود والترمذي وحسنه ، وابن ماجه ، وابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن بريدة ، عن أبيه - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت ، الأحد الصمد ، لم يلد ولم [ ص: 36 ] يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، فقال له : " لقد سألت الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطى ، وإذا دعي به أجاب . ورواه الحاكم ، إلا أنه قال فيه : لقد سألت الله باسمه الأعظم " . وقال : صحيح على شرطهما . قال الحافظ المنذري : قال شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي : وإسناده لا مطعن فيه ، قال : ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه . انتهى . وقال المحقق ابن القيم : ومجموع اسم الله الأعظم هو الحي القيوم ، وذكر ذلك في نونيته بقوله :


ولأجل ذا جاء الحديث بأنه في آية الكرسي وذي عمران     اسم الإله الأعظم اشتملا على
اسم الحي والقيوم مقترنان     فالكل مرجعها إلى الاسمين يد
ري ذاك ذو بصر بهذا الشان

.

أشار إلى ما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح من حديث أسماء بنت يزيد - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ، ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ) ، وفاتحة سورة آل عمران ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ) . وأخرج الإمام أحمد وابن ماجه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بأبي عياش زيد بن الصامت الزرقي ، وهو يصلي ، وهو يقول : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت ، يا حنان يا منان ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى " . ورواه أبو داود والنسائي ، وابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، وزاد هؤلاء الأربعة : " يا حي يا قيوم " . وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم . وزاد الحاكم في رواية له : " أسألك الجنة ، وأعوذ بك من النار " . وقد روى أبو يعلى ورواته ثقات ، عن السري بن يحيى ، عن رجل من طيء ، وأثنى عليه خيرا ، قال : كنت أسأل الله - عز وجل - أن يريني الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، فرأيت مكتوبا في الكواكب في السماء : يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام . والذي في جلاء الأفهام للمحقق ابن القيم : وفي مسند أبي يعلى الموصلي عن بعض [ ص: 37 ] الصحابة أنه طلب أن يعرف اسم الله الأعظم ، فرأى في منامه مكتوبا في السماء بالنجوم : يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية