الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                  قوله تعالى : ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ) الآية [ 102 ] .

                                                                                                                                                                  44 - أخبرنا محمد بن عبد العزيز القنطري ، أخبرنا أبو الفضل الحدادي ، أخبرنا أبو يزيد الخالدي ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا جرير ، أخبرنا حصين بن عبد الرحمن ، عن عمران بن الحارث قال : بينما نحن عند ابن عباس إذ قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ، فيجيء أحدهم بكلمة حق ، فإذا جرب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة ، فيشربها قلوب الناس . فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال : ألا أدلكم على كنز سليمان الممنع الذي لا كنز له مثله ؟ قالوا : نعم ، قال : تحت الكرسي ، فأخرجوه فقالوا : هذا سحر . فتناسخته الأمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ) .

                                                                                                                                                                  44 م - وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنيرنجيات على لسان آصف : هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ، ولم يشعر بذلك سليمان; فلما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه . فأما علماء بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان . وأما السفلة فقالوا : هذا علم سليمان ، وأقبلوا على تعلمه ، ورفضوا كتب أنبيائهم . ففشت الملامة لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عذر سليمان على لسانه ، وأظهر براءته مما رمي به ، فقال : ( واتبعوا ما تتلو الشياطين ) الآية .

                                                                                                                                                                  [ ص: 19 ] 45 - أخبرنا سعيد بن العباس القرشي كتابة : أن الفضل بن زكرياء ، حدثهم عن أحمد بن نجدة ، أخبرنا سعيد بن منصور ، حدثنا عتاب بن بشير ، أخبرنا خصيف قال : كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت ؟ فتقول لكذا وكذا . فلما نبتت شجرة الخرنوبة قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لمسجدك أخربه قال : تخربينه ؟ ! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنت . فلم يلبث أن توفي ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم : لو كان [ لنا ] مثل سليمان . فأخذت الشياطين فكتبوا كتابا فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به . فانطلقوا فاستخرجوا ذلك [ الكتاب ] فإذا فيه سحر ورقى . فأنزل الله تعالى : ( واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ) إلى قوله : ( فلا تكفر ) .

                                                                                                                                                                  46 - قال السدي : إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب [ وجعلها في صندوق ] فدفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذلك . فلما مات سليمان وذهب [ الذين ] كانوا يعرفون دفنه الكتب ، تمثل شيطان على صورة إنسان ، فأتى نفرا من بني إسرائيل فقال : هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبدا ؟ قالوا : نعم ، قال : فاحفروا تحت الكرسي ، فحفروا فوجدوا تلك الكتب ، فلما أخرجوها قال الشيطان : إن سليمان كان يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا ، فاتخذ بنو إسرائيل تلك الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود . فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية .

                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية