الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 658 ] ثم دخلت سنة سبع وعشرين وأربعمائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في المحرم تكاملت عمارة قنطرة عيسى التي كانت قد سقطت ، وكان الذي يلي مشارفة الإنفاق عليها الشيخ أبو الحسن القدوري الحنفي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيه وفيما بعده تفاقم أمر العيارين ، وكبسوا الدور ، وتزايد شرهم وعملاتهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي صاحب مصر الظاهر لإعزاز دين الله أبو الحسن علي بن الحاكم بن العزيز بن المعز الفاطمي ، وله من العمر ثلاث وثلاثون سنة وأشهر ، وكانت مدة ولايته ست عشرة سنة وتسعة أشهر ، وكانت سيرته جيدة ، وقام بالأمر من بعده ولده المستنصر ، وعمره سبع سنين ، واسمه معد ، وكنيته أبو تميم ، وتكفل [ ص: 659 ] بأعباء المملكة بين يديه الأفضل أمير الجيوش ، واسمه بدر بن عبد الله الجمالي ، وكان الظاهر المذكور قد استوزر الصاحب أبا القاسم علي بن أحمد الجرجرائي - وكان مقطوع اليدين من المرفقين - في سنة ثماني عشرة ، فاستمر في الوزارة مدة ولاية الظاهر ، ثم لولده المستنصر ، حتى توفي الوزير الجرجرائي المذكور في سنة ست وثلاثين ، وكان قد سلك في وزارته العفة العظيمة ، وكان الذي يعلم عنه القاضي أبو عبد الله القضاعي صاحب كتاب " الشهاب " ، وكانت علامته عنه : الحمد لله شكرا لنعمته . وكان الذي قطع يديه من المرفقين الحاكم ; لخيانة ظهرت منه في سنة أربع وأربعمائة ، ثم استعمله في بعض الأعمال سنة تسع ، فلما فقد الحاكم - لعنه الله - في السابع والعشرين من شوال سنة إحدى عشرة ، ثم تملك من بعده ولده الظاهر المذكور ، تنقلت بالجرجرائي المذكور الأحوال حتى استوزر سنة ثماني عشرة كما ذكرنا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد هجاه بعض الشعراء فقال :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      يا أحمقا اسمع وقل ودع الرقاعة والتحامق     أأقمت نفسك في الثقا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ت وهبك فيما قلت صادق     فمن الأمانة والتقى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قطعت يداك من المرافق



                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية