الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو وجد عضو مسلم ) أو نحوه كشعره أو ظفره ووهم من نقل عن المجموع خلافه وقضية كلامهما التوقف فيما في العدة أنه لايصلى على الشعرة الواحدة وأخذ به غيرهما فرجح أنه لا فرق ويؤيده ما يأتي أن الصلاة في الحقيقة إنما هي على الكل وإن كان تابعا لما وجد ( علم موته ) وأن هذا الموجود منه انفصل منه بعد الموت أو وحركته حركة مذبوح ولم يعلم أنه غسل قبل الصلاة على الجملة ويظهر أن المراد بعلم حقيقة العلم فلا يكفي الظن ويفرق بينه وبين الإسلام بأن الأصل الحياة فلا تنتقل أحكامها عنه إلا بيقين وأيضا فالموت هو الموجب لجميع ما بعده فوجب الاحتياط له بخلاف نحو الإسلام فإنه من جملة التوابع لأحكام الموت وأيضا فالإسلام يكتفى فيه بالتعليق عليه في أصل النية بخلاف الموت ( صلي عليه ) وجوبا كما فعله الصحابة رضي الله عنهم لما ألقى عليهم بمكة طائر نسر يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد أيام وقعة الجمل وعرفوها بخاتمه ( قوله مع معاوية إلخ ) لعل الصواب مع عائشة فإن وقعة الجمل لم تكن مع معاوية بل كانت مع عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم ا هـ مصحح [ ص: 161 ] والظاهر أنهم كانوا عرفوا موته بنحو استفاضة ويجب غسل ذلك قبل الصلاة عليه وستره بخرقة ومواراته وإن كان من غير العورة لما مر أن ما زاد عليها يجب ستره لحق الميت بخلاف ما لا يصلى عليه كيد من جهل موته فإنه يسن ذلك فيها وتسن مواراة كل ما انفصل من حي ولو ما يقطع للختان وكالمسلم في ذلك مجهول الحال بدارنا لأن الغالب فيها الإسلام فإن كان بدارهم فكاللقيط فيما يأتي فيه ، وتجب نية الصلاة على الجملة فلو ظفر بصاحب الجزء لم تجب إعادتها عليه إن علم أنه غسل قبل الصلاة [ ص: 162 ] وبحث الزركشي تقييد نية الجملة بما إذا علم أنها قد غسلت وإلا نوى العضو وحده وفيه نظر بل الذي يتجه أنه ينوي الجملة وإن لم يعلم ذلك معلقا نيته بكونه قد غسل نظير ما مر في الغائب وفي الكافي لو نقل الرأس عن بلد الجثة صلي على كل ولا تكفي الصلاة على أحدهما ويظهر بناؤه على الضعيف أنه تجب نية الجزء فقط .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فرجح أنه لا فرق ) أي في الصلاة بين الشعرة وغيرها ( قوله : وإن كان تابعا لما وجد ) فيه مسامحة لا تخفى ( قوله : وإن كان تابعا لما وجد ) بهذا يندفع التأييد وترجيح عدم الفرق لأن ما لا وقع له لا يصلح للاستتباع والشعرة كذلك وهل الظفر الواحد كالشعرة فيه نظر ولعل الأوجه الفرق نعم بعض الظفر اليسير يتجه أنه كالشعرة ( قوله في المتن : صلي عليه ) [ ص: 161 ] والظاهر أن هذه الصلاة لها حكم الصلاة على الحاضر حتى لا يجوز التقدم على العضو ولا البعد عنه ولو ترك تغسيله مع إمكانه وأراد الصلاة على الباقي الغائب فهل له ذلك أو يمتنع إلا بعد تغسيله مع إمكانه فلا بد منه ومن نية الصلاة على الجملة فيه نظر يجري فيما لو أبين بعض أجزاء الحاضرين وأراد تغسيل ما عدا المبان ، وتخصيصه بالصلاة عليه ومال م ر إلى الثاني فليراجع ( قوله : والظاهر أنهم كانوا عرفوا موته ) أي قبل انفصالها ( قوله : وستره بخرقة ) هل يجب ثلاث خرق سابغة إذا أمكن ذلك من تركته كما في الجملة أم لا ويفرق بين الجزء والجملة كما هو قضية إطلاق هذه العبارة ( قوله : ومواراته ) هل يعتبر فيها ما يعتبر في الجملة من حفرة تمنع رائحة الجملة ونبش السبع عليها أم يكفي ما يصان معه من التعرض له غالبا فيه نظر ولعل الأقرب الثاني وهل يجب توجيهه للقبلة بأن يجعل على العضو الذي يكون عليه لو كان متصلا بالجملة ووجهت للقبلة فيه نظر ولا يبعد الوجوب ( قوله : وتسن مواراة كل ما انفصل من حي ) أي ولا تجوز الصلاة عليه ( قوله : وتجب نية الصلاة على الجملة ) أي ومع ذلك هي صلاة على حاضر نظرا للجزء الحاضر واستتباعه للباقي الغائب فلها أحكام الصلاة [ ص: 162 ] على الحاضر م ر ( قوله : وبحث الزركشي تقييد إلخ ) اعتمده م ر وينبغي تقييد ذلك أيضا بما إذا لم يكن صلي على باقيه وإلا جاز بنية الجزء فقط م ر .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( عضو مسلم ) ولو كان الجزء من ذمي فالقياس وجوب تكفينه ودفنه عميرة ا هـ ع ش ( قوله : فيما في العدة أنه لا يصلى إلخ ) اعتمده النهاية والمغني ثم قال الأول وهل الظفر كالشعرة أو يفرق ؟ محل نظر وكلامهم إلى الفرق أميل ا هـ قال ع ش قوله : م ر وكلامهم إلى الفرق إلخ معتمد ا هـ عبارة سم ولعل الأوجه الفرق نعم بعض الظفر اليسير يتجه أنه كالشعرة ا هـ ( قوله : لا يصلى على الشعرة الواحدة ) ومثل الصلاة غيرها فلا تجب غسلها كما نقله في أصل الروضة عن صاحب العدة وأقره مغني وأقره ع ش عبارة الحلبي وعلى قياس ذلك الغسل والتكفين والدفن فلا يجب واحد منها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وأخذ به ) أي بالتوقف ( قوله : ترجح أنه لا فرق ) أي بين الشعرة الواحدة وغيرها فيصلى عليه مطلقا بصري وسم ( قوله : ويؤيده إلخ ) رده النهاية بأنه لما كان بقية البدن تابعا لما صلي عليه اشترط أن يكون له وقع في الوجود حتى يستتبع بخلاف الشعرة فإنها ليست كذلك فلا يناسبها الاستتباع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن كان ) فيه استخدام إذ المراد بالضمير ما عدا ما وجد ( قوله وإن كان تابعا لما وجد ) بهذا يندفع التأييد وترجيح عدم الفرق لأن ما لا وقع له لا يصلح للاستتباع والشعرة كذلك سم وتقدم عن النهاية مثله .

                                                                                                                              قول المتن ( علم موته ) أي بغير شهادة مغني ونهاية ( قوله : وأن هذا ) إلى قوله ويظهر في النهاية والمغني ( قوله : أو وحركته حركة مذبوح ) عبارة المغني والنهاية وشرح المنهج نعم إن أبين من حي فمات في الحال فحكم الكل واحد يجب غسله ودفنه بخلاف ما إذا مات بعد مدة سواء اندملت جراحته أم لا ا هـ قال ع ش قوله : نعم إن أبين إلخ شمل ذلك ما لو حلق رأسه ثم مات عقب الحلق فجأة فليراجع ومفهوم كلام ابن حج يخالف ذلك وقضيته أيضا أنه لا فرق بين كون وصوله إلى حركة المذبوح بمرض أو بجناية وقد فرقوا بينهما في مواضع فليحرر وقد يقال الأقرب تصوير ذلك بما لو مات بجناية .

                                                                                                                              ( فائدة )

                                                                                                                              وقع السؤال عما لو قطعت يد المسلم ثم مات مرتدا أو يد الكافر ثم مات مسلما فهل تعود يدهما وتعذب في الأولى وتنعم في الثانية أم لا ؟ فيه نظر والظاهر فيهما الأول لأن المقطوعة في الإسلام سلبت الأعمال الصادرة منها بارتداد صاحبها والمقطوعة في الكفر سقطت المؤاخذة بما صدر منها بإسلام صاحبها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولم يعلم أنه غسل إلخ ) أي طهر وإلا فلا تجب الصلاة عليه نهاية ومغني ( قوله : ويظهر أن المراد إلخ ) ظاهر القصة الآتية المستدل بها خلافه وقوله الآتي والظاهر إلخ محل تأمل بصري ( قوله : وبين السلام ) أي حيث وجب الصلاة على من ظن إسلامه .

                                                                                                                              ( قوله : أحكامها إلخ ) أي ومنها عدم جواز الصلاة عليه ( قوله : إلا بيقين ) أي للموت ( قوله : لجميع ما بعده ) أي ومنه وجوب الصلاة عليه قول المتن ( صلي عليه ) والظاهر أن هذه الصلاة لها حكم الصلاة على الحاضر لا يجوز التقدم على العضو ولا البعد ولو ترك تغسيله مع إمكانه وأراد الصلاة على الباقي الغائب أو الحاضر فهل له ذلك أو يمتنع إلا بعد تغسيله مع إمكانه فلا بد منه ومن نية الصلاة على الجملة ؟ فيه نظر مال م ر إلى الثاني فليراجع سم ( قوله : بالتعليق عليه ) أي على الإسلام بأن يقول : أصلي عليه إن كان مسلما كردي .

                                                                                                                              ( قوله : وجوبا ) إلى قوله وبحث في النهاية وكذا في المغني إلا قوله والظاهر إلى ويجب وقوله : فإن كان بدارهم إلى وتجب ( قوله : وقعة الجمل ) أي مقاتلة علي مع معاوية رضي الله تعالى عنهما من جهة الخلافة [ ص: 161 ] وسميت وقعة الجمل لأن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت على جمل مع معاوية فظفر بها جيش علي فعقروا الجمل وهي عليه حتى وقع الجمل فأخذوا عائشة وذهبوا بها إلى علي فبكى وبكت واعتذر كل منهما للآخر ومكثت مدة عنده في البصرة ثم جهزها وأرسلها إلى المدينة رضي الله تعالى عنهم أجمعين بجيرمي ( قوله : أنهم كانوا عرفوا إلخ ) أي قبل انفصالها سم .

                                                                                                                              ( قوله : وستره بخرقة ) يفهم أنه لا يجب ثلاث لفائف ع ش عبارة سم هل يجب ثلاث خرق سابغة إذا أمكن ذلك من تركته أم لا ويفرق بين الجزء والجملة كما هو قضية إطلاق هذه العبارة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ومواراته إلخ ) والأقرب أنه يعتبر فيه ما يعتبر في الجملة من حفرة تمنع رائحة الجملة ونبش السبع عليها وأنه يجب توجيهه للقبلة بأن يجعل على الوضع الذي يكون عليه لو كان متصلا بالجملة ووجهت للقبلة سم وأقره ع ش في الثاني ثم قال ويتجه أنه يجب الدفن فيما يمنع الرائحة في الميت الذي جف دون الشعر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فإنه يسن ذلك ) ظاهره أن الإشارة إلى جميع ما ذكر من الغسل والستر والمواراة لكن اقتصر المغني والنهاية على الأخيرين عبارتهما : أما ما انفصل من حي أو شككنا في موته كيد سارق وظفر وشعر وعلقة ودم فصد ونحوه فيسن دفنه إكراما لصاحبها ويسن لف اليد ونحوها بخرقة أيضا ا هـ قال ع ش قوله : م ر كيد سارق وينبغي إذا دفنت أن يجعل باطنها لجهة القبلة وقوله : م ر وشعر ومنه ما يزال بحلق الرأس وينبغي أن المخاطب به ابتداء من انفصل منه فإن ظن أن الحالق يفعله سقط عنه الطلب ا هـ ع ش ( قوله : ويسن مواراة إلخ ) أي ولا تجوز الصلاة عليه سم ( قوله : ولو ما يقطع للختان ) . فرع

                                                                                                                              : هل المشيمة جزء من الأم أو ومن المولود حتى إذا مات أحدهما عقب انفصالها كان لها حكم الجزء المنفصل من الميت فيجب دفنها وإذا وجدت وحدها وجب تجهيزها والصلاة عليها كبقية الأجزاء أو لأنها لا تعد من أجزاء واحد منهما خصوصا المولود ؟ فيه نظر فليتأمل سم على المنهج أقول : الظاهر أنه لا يجب فيها شيء ع ش عبارة البجيرمي أما المشيمة المسماة بالخلاص التي تقطع من الولد فهي جزء منه وأما المشيمة التي فيها الولد فليست جزءا من الأم ولا من الولد قليوبي وبرماوي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وكالمسلم في ذلك ) أي في تجهيز الكل والجزء عبارة النهاية ولو وجد ميت مجهول أو بعضه ببلادنا صلي عليه إذ الغالب فيها الإسلام ومقتضاه عدم الصلاة عليه إذا وجد في موات لا ينسب إلى دار الإسلام ولا إلى دار الكفر وهو الذي لا يذب عنه أحد وهو كذلك ا هـ وعبارة المغني ولو جهل كون العضو من مسلم صلي عليه أيضا إن كان في دار الإسلام كما لو وجد فيها ميت جهل إسلامه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكن الغالب فيها الإسلام ) أي ولا فرق في ذلك بين أن توجد فيه علامة الكفر كالصليب أو لا لحرمة الدار ع ش ( قوله : فكاللقيط فيما يأتي ) أي من أنه إن كان فيها مسلم فمسلم وإلا فكافر ع ش ( قوله : وتجب نية الصلاة إلخ ) وإن علم أنه صلى على جملة الميت لا على العضو وحده إذ الجزء الغائب تابع للحاضر نهاية وقال المغني نعم من صلى على هذا الميت دون هذا العضو نوى الصلاة على العضو وحده كما جزم به ابن شهبة ا هـ ويأتي عن م ر مثله .

                                                                                                                              ( قوله : على الجملة ) أي فيقول نويت أصلي على جملة من انفصل منه هذا الجزء بجيرمي ( قوله : إن علم أنه غسل إلخ ) أي وإلا وجبت نهاية [ ص: 162 ] ومغني ( قوله : وبحث الزركشي إلخ ) اعتمده م ر وينبغي أن تقييد ذلك أيضا بما إذا لم يكن صلى على باقيه وإلا جاز بنيته فقط م ر ا هـ سم وكتب البصري أيضا ما نصه : قول الزركشي وإلا هو صادق بما إذا شك ويتجه حينئذ ما أفاده الشارح وبما إذا علم عدم غسلها ويتجه حينئذ ما أفاده الزركشي فعلم ما في صنيع الشارح رحمه الله تعالى ا هـ أقول : نقل المغني عن الزركشي الثاني فقط ، عبارته وقال الزركشي : محل نية الصلاة على الجملة إذا علم أنها قد غسلت فإن لم تغسل نوى الصلاة على العضو فقط انتهى فإن شك في ذلك نوى الصلاة عليها إن كانت قد غسلت ولا يضر التعليق في ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ويظهر بناؤه إلخ ) وحمله النهاية والمغني على ما إذا صلى على أحدهما قبل طهر الآخر ( قوله : ولا تكفي الصلاة إلخ ) . ( فرع ) :

                                                                                                                              وإن حضر بعد الصلاة على الميت فعلها جماعة وفرادى والأولى التأخير إلى الدفن كما نص عليه وينوي الفرض لوقوعها منه فرضا نهاية وشرح الروض .




                                                                                                                              الخدمات العلمية