الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر تعالى حزب السعداء، وهم الأنبياء ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره ذكر من نبذ دعوتهم ممن خلفهم، وما سينالهم، بقوله سبحانه:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 4153 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [59] فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا .

                                                                                                                                                                                                                                      فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة وقرئ (الصلوات) بالجمع أي: المتضمنة للسجود والأذكار، المستدعية للبكاء. وإذا أضاعوها، فهم لما سواها من الواجبات أضيع. لأنها عماد الدين وقوامه وخير أعمال العباد: واتبعوا الشهوات أي: فأتوا بما ينافي البكاء والأمور المرضية من الأخلاق والأعمال، من الانهماك في المعاصي التي هي بريد الكفر: فسوف يلقون غيا أي: شرا. قال الزمخشري : كل شر عند العرب غي، وكل خير رشاد . قال المرقش :


                                                                                                                                                                                                                                      فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره ومن يغو لا يعدم على الغي لائما



                                                                                                                                                                                                                                      أي من يفعل خيرا، يحمد الناس أمره. ومن يفعل الشر لا يعدم اللوائم على فعله. وقيل: أراد الشاعر بالخير المال. وبالغي الفقر أي: ومن يفتقر. ومنه القائل:


                                                                                                                                                                                                                                      والناس من يلق خيرا قائلون له     ما يشتهي. ولأم المخطئ الهبل



                                                                                                                                                                                                                                      أي الثكل. ويجوز أن يكون المعنى جزاء غي. كقوله تعالى: يلق أثاما أي: شرا وعقابا. فأطلق عليه كما أطلق الغي على مجازاته المسببة عنه، مجازا أو: غيا ضلالا عن طريق الجنة. فهو بمعناه المشهور.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية