الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 191 ] أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون

                                                                                                                                                                                                مما عملت أيدينا مما تولينا نحن إحداثه ولم يقدر على توليه غيرنا ، وإنما قال ذلك لبائع الفطرة والحكمة فيها ، التي لا يصح أن يقدر عليها إلا هو . وعمل الأيدي : استعارة من عمل من يعملون بالأيدي فهم لها مالكون أي : خلقناها لأجلهم فملكناها إياهم ، فهم متصرفون فيها تصرف الملاك ، مختصون بالانتفاع فيها لا يزاحمون ، أو فهم لها ضابطون قاهرون ، من قوله [من المنسرح ] :


                                                                                                                                                                                                أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملك رأس البعير إن نفرا



                                                                                                                                                                                                أي : لا أضبطه ، وهو من جملة النعم الظاهرة ، وإلا فمن كان يقدر عليها لولا تذليله وتسخيره لها ، كما قال القائل [من الوافر ] :


                                                                                                                                                                                                يصرفه الصبي بكل وجه     ويحبسه على الخسف الجرير


                                                                                                                                                                                                وتضربه الوليدة بالهراوى     فلا غير لديه ولا نكير



                                                                                                                                                                                                [ ص: 192 ] ولهذا ألزم الله سبحانه الراكب أن يشكر هذه النعمة ويسبح بقوله : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين [الزخرف : 13 ] . وقرئ : (ركوبهم ) ، و (ركوبتهم ) . وهما ما يركب ، كالحلوب والحلوبة . وقيل : الركوبة جمع . وقرئ : (ركوبهم ) ، أي : ذو ركوبهم ، أو فمن منافعها ركوبهم "منافع " من الجلود والأوبار والأصواف وغير ذلك "ومشارب " من اللبن ، ذكرها مجملة ، وقد فصلها في قوله تعالى : وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا . . . الآية [النحل : 80 ] ، والمشارب : جمع مشرب ، وهو موضع الشرب ، أو الشرب .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية