الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن إسمعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أكل كل ذي ناب من السباع حرام قال مالك وهو الأمر عندنا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1076 1061 - ( مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم ) مولاهم المدني المتوفى سنة ثلاثين ومائة ( عن عبيدة ) بفتح المهملة وكسر الموحدة ( بن سفيان ) بن الحارث ( الحضرمي ) المدني التابعي الثقة عن أبي هريرة ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أكل كل ذي ناب من السباع حرام ) [ ص: 139 ] فذكره بلفظ حديث أبي ثعلبة على رواية يحيى وهو نص في حرمة الحيوان المفترس ، ورواه مسلم من طريق ابن مهدي وابن وهب عن مالك به .

                                                                                                          ( قال مالك : وهو الأمر ) المعمول به ( عندنا ) بالمدينة ، قال الترمذي : وعليه العمل عند أكثر أهل العلم وعن بعضهم لا يحرم ، وظاهر مذهب الموطأ التحريم ، ورواه ابن وهب وابن عبد الحكم عن مالك نصا ورجحه ابن عبد البر ، وقيل مكروه حملا للنهي على الكراهة ، ولفظ حرام شذ به يحيى عن رواة الموطأ في حديث أبي ثعلبة ، لكنهم اتفقوا على لفظ حرام في حديث أبي هريرة ، فيحمل على المنع الصادق بالكراهة وهو المشهور في المذهب كما قال ابن العربي وغيره ، وظاهر المدونة لقول مالك فيها : لا أحب أكل الضبع والثعلب والذئب والهر الوحشي والإنسي ولا شيء من السباع ، والقول الثالث لأصحاب مالك المدنيين الفرق بين ما يعدو كالأسد والنمر فيحرم ، وبين ما لا يعدو كالضبع والهر والثعلب والذئب فيكره ، نقله عنهم ابن حبيب ، ووجه المشهور قوله تعالى : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما [ سورة الأنعام : الآية 145 ] الآية ، فإنه يدل على عدم ما فيها ، لكن نفي الحرمة لا يقتضي الحل عينا بل يحتمل الكراهة أيضا فاحتيط لذلك وتعقب بأن الآية مكية ، وحديث التحريم بعد الهجرة باتفاق ، وبأنها خرجت مخرج الرد على شيء خاص وهو ما حكى الله عنهم بقوله : وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا [ سورة الأنعام : الآية 139 ] وأجيب بأن الحديث لا دليل فيه على الحرمة لاحتمال أن أكل مصدر مضاف إلى الفاعل فيكون كقوله تعالى : وما أكل السبع [ سورة المائدة : الآية 3 ] وقال ابن عبد البر : النهي أن تنظر إلى ما ورد فيه ، فإن ورد على ما في ملكك فهو نهي إرشاد كالأكل من رأس الصحفة وبالشمال والاستنجاء باليمين ، وما ورد على غير ملكك فهو على التحريم كالشغار ، وعن قليل ما أسكر كثيره ، وعن بيع حبل الحبلة واستباحة الحيوان من هذا القسم ، قال : وحمل النهي على التنزيه ضعيف لا يعضده دليل صحيح . انتهى . وهو على اختياره ترجيح التحريم .




                                                                                                          الخدمات العلمية