الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ) ( 22 ) .

قوله تعالى : ( إن شر الدواب عند الله الصم ) : إنما جمع الصم ، وهو خبر " شر " ؛ لأن شرا هنا يراد به الكثرة ، فجمع الخبر على المعنى ، ولو قال الأصم لكان الإفراد على اللفظ ، والمعنى على الجمع .

[ ص: 460 ] قال تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب ) . قوله تعالى : ( لا تصيبن ) : فيها ثلاثة أوجه : أحدها : أنه مستأنف ، وهو جواب قسم محذوف ؛ أي : والله لا تصيبن الذين ظلموا خاصة ؛ بل تعم . والثاني : أنه نهي ، والكلام محمول على المعنى ، كما تقول لا أرينك هاهنا ؛ أي : لا تكن هاهنا فإن من يكون هاهنا أراه ، وكذلك المعنى هنا ؛ إذ المعنى : لا تدخلوا في الفتنة ، فإن من يدخل فيها تنزل به عقوبة عامة . والثالث : أنه جواب الأمر ، وأكد بالنون مبالغة ، وهو ضعيف ؛ لأن جواب الشرط متردد ، فلا يليق به التوكيد .

وقرئ في الشاذ : ( لتصيبن ) : بغير ألف . قال ابن جني : الأشبه أن تكون الألف محذوفة ، كما حذفت في أم والله .

وقيل : في قراءة الجماعة إن الجملة صفة لفتنة ، ودخلت النون على المنفي في غير القسم على الشذوذ .

قال تعالى : ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون ) ( 26 ) .

قوله تعالى : ( تخافون ) : يجوز أن يكون في موضع رفع صفة كالذي قبله ؛ أي : خائفون ، ويجوز أن يكون حالا من الضمير في " مستضعفون " .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ) ( 27 ) .

قوله تعالى : ( وتخونوا أماناتكم ) : يجوز أن يكون مجزوما عطفا على الفعل الأول ، وأن يكون نصبا على الجواب بالواو .

قال تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) ( 30 ) .

قوله تعالى : ( وإذ يمكر ) : هو معطوف على : ( واذكروا إذ أنتم ) .

قال تعالى : ( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) ( 32 ) .

قوله تعالى : ( هو الحق ) : القراءة المشهورة بالنصب ، و " هو " هاهنا فصل .

[ ص: 461 ] ويقرأ بالرفع على أن " هو " مبتدأ ، والحق خبره ، والجملة خبر كان .

و ( من عندك ) : حال من معنى الحق ؛ أي : الثابت من عندك .

( من السماء ) : يجوز أن يتعلق بأمطر ، وأن يكون صفة لحجارة .

قال تعالى : ( وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون ) ( 34 ) .

قوله تعالى : ( ألا يعذبهم ) : أي : في أن لا يعذبهم ، فهو في موضع نصب ، أو جر على الاختلاف . وقيل : هو حال ، وهو بعيد ؛ لأن " أن " تخلص الفعل للاستقبال .

التالي السابق


الخدمات العلمية