الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة الخامسة والخمسون ) : من ثبت له حق التملك بفسخ أو عقد هل يكون تصرفه فسخا أم لا وهل ينفذ تصرفه أم لا ؟ المذهب المشهور أنه لا يكون تملكا ، ولا ينفذ وفي بعض صورها خلاف ، ومن صور المسألة البائع بشرط الخيار إذا تصرف في المبيع لم يكن تصرفه فسخا ولم ينفذ نص عليه وقال في رواية ابن القاسم لا يجوز عتق البائع لأنه غير مالك له في ذلك الوقت إنما له فيه خيار فإذا اختاره ثم أعتقه جاز فأما دون أن يرد البيع فلا .

واختلف الأصحاب في المسألة على طرق : أحدها : لا يكون فسخا رواية واحدة وإنما ينفسخ بالقول وهي طريقةأبي بكر والقاضي في خلافه وصاحب المحرر وهي أصح وقد نص أحمد على أن بيعه ليس بفسخ في رواية إسماعيل بن سعيد ونص على أنه إذا وطئ فعليه الحد في رواية مهنا .

والطريقة الثانية : أن المسألة على روايتين وهي طريقة القاضي في كتاب الروايتين وأبي الخطاب وابن عقيل وصاحب المغني ورجح أنه فسخ لأن ملك المشتري في مدة الخيار غير مستقر فينفسخ بمجرد تصرف البائع بخلاف بائع المفلس فإن ملك المفلس تام .

والطريقة الثالثة أن تصرفه فسخ بغير خلاف كما أن تصرف المشتري إمضاء وإبطال للخيار في المنصوص ، وهي طريقة القاضي في المجرد والحلواني في الكفاية وهي مخالفة للمنصوص ولا يصح اعتبار فسخ البائع بإمضاء المشتري لأن ملك المشتري قائم وملك البائع مفقود .

والطريقة الرابعة : أن تصرفه بالوطء فسخ بلا خلاف لأنه اختيار بدليل وطء من أسلم على [ ص: 92 ] أكثر من أربع نسوة وبغيره وفيه الخلاف وهي طريقة صاحب الكافي وممن صرح بأن الوطء اختيار القاضي في المجرد وحكاه في الخلاف عن أبي بكر في التنبيه ولم أجده فيه ولا يصح إلحاق وطء البائع بوطء من أسلم على أكثر من أربع نسوة لأن ملكه قائم فلذلك كان الوطء اختيارا في حقه فهو كوطء المشتري ههنا والبائع بخلافه وقد نص أحمد على أن عليه الحد في رواية مهنا وأما نفوذ التصرف فهو ممنوع على الأقوال كلها ، صرح به الأكثرون من الأصحاب لأنه لم يتقدمه ملك اللهم إلا أن يتقدمه سبب يوجب الانفساخ كالسوم ونحوه ، وذكر الحلواني في التبصرة أنه لا ينفذ ويتخرج من قاعدة لنا سنذكرها إن شاء الله تعالى وهي أنه هل تكفي مقارنة شرط العقد في صحته ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية