الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وأما الياءات المحذوفة من رءوس الآي وجملتها بما فيه أصلي وإضافي ست وثمانون ياء كما قدمنا ذكرنا منه ياء واحدة استطرادا ، وهي :

                                                          يسري في الفجر . بقي خمس وثمانون ياء أثبت الياء في جميعها يعقوب في الحالين على أصله . ووافقه غيره في ست عشرة كلمة ، وهي دعاء ، و التلاق ، و التناد ، و أكرمن ، و أهانن ، و بالواد ، و المتعال ، و وعيد و نذير ، و نكير ، و يكذبون ، و ينقذون ، و لتردين ، و فاعتزلون ، و ترجمون ونذر .

                                                          أما دعاء ، وهو في إبراهيم فوافقه في الوصل أبو عمرو وحمزة وورش ، ووافقه البزي في الحالين ، واختلف عن قنبل ، فروى عنه ابن مجاهد الحذف في الحالين ، وروى عنه ابن شنبوذ الإثبات في الوصل والحذف في الوقف هذا الذي هو من طرق كتابنا . وقد ورد عن ابن مجاهد مثل ابن شنبوذ ، وعن ابن شنبوذ الإثبات في الوقف أيضا ذكره الهذلي ، وقال : هو تخليط .

                                                          ( قلت ) : وبكل من الحذف والإثبات قرأت عن قنبل وصلا ، ووقفا ، وبه آخذ والله تعالى أعلم .

                                                          وأما التلاق ، و التناد ، وهما في غافر فوافقه في الوصل ورش وابن وردان . ووافقه في الحالين ابن كثير . وانفرد أبو الفتح فارس بن أحمد من قراءته على عبد الباقي بن الحسن عن أصحابه عن قالون بالوجهين الحذف والإثبات في الوقف وتبعه في ذلك الداني من قراءته عليه وأثبته في التيسير كذلك فذكر الوجهين جميعا عنه وتبعه الشاطبي على ذلك ، وقد خالف عبد الباقي في هذين سائر الناس ، ولا أعلمه ورد من طريق من الطرق عن أبي نشيط ، ولا الحلواني ، بل ولا عن قالون أيضا في طريق إلا من طريق أبي مروان عنه ، وذكره الداني في جامعه عن العثماني أيضا وسائر الرواة عن

                                                          [ ص: 191 ] قالون على خلافه كإبراهيم وأحمد بني قالون وإبراهيم بن دازيل وأحمد بن صالح وإسماعيل القاضي والحسن بن علي الشحام والحسين بن عبد الله المعلم وعبد الله بن عيسى المدني وعبيد الله بن محمود العمري ومحمد بن عبد الحكم ومحمد بن هارون المروزي ومصعب بن إبراهيم والزبير بن محمد الزبيري ، و عبد الله بن فليح ، وغيرهم .

                                                          وأما أكرمن و أهانن ، وهما في الفجر فوافقه على إثبات الياء فيهما وصلا نافع وأبو جعفر ، وفي الحالين البزي . واختلف عن أبي عمرو فذهب الجمهور عنه إلى التخيير ، وهو الذي قطع به في الهداية والهادي ، والتلخيص ، للطبري ، والكامل ، وقال فيه : وبه قال الجماعة ، وعول الداني على حذفهما ، وكذلك الشاطبي ، وقال في التيسير : وخير فيهما أبو عمرو وقياس قوله في رءوس الآي يوجب حذفهما ، وبذلك الوصل والمشهور عنه بالحذف . وقطع في الكافي له بالحذف ، وكذلك في التذكرة لابن فرح ، وكذلك سبط الخياط في كفايته لابن مجاهد عن أبي الزعراء من طريق الحمامي ، ولم يذكر في الإرشاد عن أبي عمرو سوى الإثبات ، وكذلك في المبهج من طريق ابن فرح ، وزاد فقال : وفي هاتين الياءين عن أبي عمرو اختلاف نقله أصحابه ، وكذلك أطلق الخلاف عن أبي عمرو ، وأبو علي بن بليمة في تلخيصه ، والوجهان مشهوران عن أبي عمرو والتخيير أكثر والحذف أشهر - والله أعلم - .

                                                          وفي الجامع لابن فارس إثباتهما في الحالين لابن شنبوذ عن قنبل .

                                                          وأما بالواد ، وهي في الفجر أيضا فوافقه على إثباتها وصلا ورش ، وفي الحالين ابن كثير ، واختلف عن قنبل عنه في الوقف ، فروى الجمهور حذفها ، وهو الذي قطع به صاحب العنوان ، والكافي ، والهداية ، والتبصرة ، والهادي ، والتذكرة . وهو اختيار أبي طاهر بن أبي هاشم ، وبه كان يأخذ ، وبه قرأ الداني على أبي الحسن بن غلبون ، وهو ظاهر التيسير حيث قطع به ، أولا ولكن طريق التيسير هو الإثبات فإنه

                                                          [ ص: 192 ] قرأ به على فارس بن أحمد ، وعنه أسند رواية قنبل في التيسير بالإثبات أيضا قطع صاحب المستنير من غير طريق أبي طاهر . وكذلك ابن فارس في جامعه ، وكذلك سبط الخياط في كفايته ومبهجه من غير طريق ابن مجاهد مع أنه قطع بالإثبات له في الحالين في سبعته ، وذكر في كتاب الياءات وكتاب المكيين وكتاب الجامع عن قنبل الياء في الوصل ، وإذا وقف بغير ياء قال الداني : وهو الصحيح عن قنبل .

                                                          ( قلت ) : وكلا الوجهين صحيح عن قنبل نصا وأداء حالة الوقف بهما قرأت ، وبهما آخذ - والله أعلم - .

                                                          وأما المتعال ، وهو في الرعد فوافقه على الإثبات في الحالين ابن كثير من روايتيه من غير خلاف . وقد ورد عن ابن شنبوذ عن قنبل من طريق ابن الطبر حذفها في الحالين ، ومن طريق الهذلي حذفها وقفا والذي نأخذ به هو الأول - والله أعلم - .

                                                          وأما وعيد . وهي في إبراهيم وموضعي ق ، و نكير في الحج وسبأ وفاطر والملك و نذير ، وهي في الستة المواضع من القمر ، و أن يكذبون في القصص و لا يبصرون في يس و لتردين في الصافات و أن ترجمون و فاعتزلون في الدخان و نذير في الملك فوافقه على إثبات الياء في هذه الثماني عشرة ياء من الكلم التسع حالة الوصل ورش . واختص يعقوب بما بقي من الياءات في رءوس الآي ، وهي ستون ياء تقدمت مفصلة وستأتي منصوصا عليها آخر كل سورة عقيب ياءات الإضافة معادا ذكر الخلاف في ذلك كله مبينا مفصلا - إن شاء الله - وبالله التوفيق

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية