الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  498 169 - حدثنا أحمد بن إسحاق السورماري ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة ، وجمع من قريش في مجالسهم ، إذ قال قائل منهم : ألا تنظرون إلى هذا المرائي ، أيكم يقوم إلى جزور آل فلان فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها ، فيجيء به ، ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه ، فانبعث أشقاهم ، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه ، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا ، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك ، فانطلق منطلق إلى فاطمة عليها السلام ، وهي جويرية ، فأقبلت تسعى ، وثبت النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا حتى ألقته عنه ، وأقبلت عليهم تسبهم ، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ، قال : اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، اللهم عليك بقريش ، ثم سمى : اللهم عليك بعمرو بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ، وعقبة بن أبي معيط ، وعمارة بن الوليد ، قال عبد الله : فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر ، ثم سحبوا إلى القليب ، قليب بدر ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأتبع أصحاب القليب لعنة . [ ص: 307 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 307 ] مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأحمد بن إسحاق السرماري ، بكسر السين المهملة ، وفتحها ، وسكون الراء الأولى نسبة إلى سرمار ، قرية من قرى بخارى ، وهو الذي يضرب بشجاعته المثل ، قتل ألفا من الترك ، مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وهو من صغار شيوخ البخاري ، وقد شاركه في روايته عن شيخه عبيد الله بن موسى المذكور ، وعبيد الله ، ومن بعده كلهم كوفيون ، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وأبو إسحاق اسمه عمرو بن عبد الله ، وهذا الحديث لا يروى إلا بإسناده ، وعمرو بن ميمون مر في باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر ، وعبد الله هو ابن مسعود . قوله : ( بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ، وفي روايته هناك : ( بينا ) ، وقد ذكرناه هناك ، والعامل فيه معنى المفاجأة التي في إذ قال ، ولا يجوز أن يعمل فيه يصلي ؛ لأنه حال من رسول الله صلى الله عليه وسلم المضاف إليه بين فلا يعمل فيه . قوله : ( فيعمد ) بالرفع عطف على ( يقوم ) ، ويروى بالنصب ؛ لأنه وقع بعد الاستفهام . قوله : ( فانبعث أشقاهم ) ، أي : انتهض أشقى القوم ، وهو عقبة بن أبي معيط . قوله : ( جويرية ) ، أي : صغيرة ، وهو تصغير جارية . قوله : ( اللهم عليك بقريش ) ، أي : بهلاكهم . قوله : ( بعمرو بن هشام ) هو أبو جهل عليه اللعنة . قوله : ( وعمارة بن الوليد ) هو السابع ، ولم يذكره الراوي هناك ، وهاهنا ذكره ؛ لأنه هناك نسيه وهنا تذكره . قوله : ( أتبع ) بضم الهمزة ، إخبار من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الله أتبعهم اللعنة ، أي : كما أنهم مقتولون في الدنيا مطرودون عن رحمة الله في الآخرة ، ويروى وأتبع بفتح الهمزة ، ويروى بلفظ الأمر ، فهو عطف على ( عليك بقريش ) ، أي : قال في حياتهم : اللهم أهلكهم ، وقال في هلاكهم : اللهم أتبعهم اللعنة .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية