الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويشترط ) لوجوب الزكاة فيه ( النصاب ) إذ ما دونه لا يحتمل المواساة كما في سائر الأموال الزكوية ( بل الحول على المذهب فيهما ) إذ الحول إنما هو لأجل تكامل النماء ، والمستخرج من المعدن نماء في نفسه فأشبه الثمار والزروع ، وقيل في اشتراط كل منهما قولان ، وطريق الخلاف في النصاب مفرع على وجوب الخمس وفي الحول مفرع على وجوب ربع العشر ( ويضم بعضه ) أي المستخرج ( إلى بعض إن ) اتحد معدن أي المخرج و ( تتابع العمل ) كما يضم المتلاحق من الثمار ولا يشترط بقاء الأول على ملكه ، ويشترط اتحاد المكان المستخرج منه ، فلو تعدد لم يضم تقاربا أو تباعدا إذ الغالب في اختلاف المكان استئناف العمل ، وكذا في الركاز كما نقله في الكفاية عن النص ( ولا يشترط ) في الضم ( اتصال النيل على الجديد ) لأن الغالب عدم حصوله متصلا ، والقديم إن طال زمن الانقطاع لم يضم قياسا على ما لو قطع العمل ( وإذا قطع العمل بعذر ) كمرض وسفر أي لغير نزهة فيما يظهر أخذا مما يأتي في الاعتكاف وإصلاح آلة وهرب أجير ، ثم عاد إليه ( ضم ) وإن طال زمن انقطاعه عرفا لعدم إعراضه عن العمل ، ولكونه عازما على العود له بعد زوال عذره ( وإلا ) بأن قطعه من غير عذر ( فلا يضم ) وإن قصر زمنه لإعراضه عنه .

                                                                                                                            نعم يتسامح بما اعتيد للاستراحة فيه من مثل ذلك العمل ، وقد يطول وقد يقصر ولا يتسامح بأكثر منه كما قال المحب الطبري إنه الوجه وهو مقتضى التعليل ، ومعنى عدم الضم أنه لا يضم ( الأول إلى الثاني ) في إكمال النصاب ( ويضم الثاني إلى الأول ) إن كان باقيا ( كما يضمه إلى ما ملكه بغير المعدن ) كإرث وهبة وغيرهما ( في إكمال النصاب ) فإن كمل به زكي الثاني فلو استخرج تسعة عشر مثقالا بالأول ومثقالا بالثاني فلا زكاة في التسعة عشر ، وتجب في المثقال كما تجب فيه لو كان مالكا تسعة عشر من غير المعدن ، وينعقد الحول على العشرين من وقت تمامها ، ووقت وجوب إخراج زكاة المعدن عقب تخليصه وتنقيته ومؤنة ذلك على المالك ، ويجبر على التنقية ، ولا يجزئ إخراج الواجب قبلها لفساد القبض ، فإن قبضه الساعي قبلها ضمن فيلزمه رده إن كان باقيا أو بدله إن كان تالفا ، ويصدق بيمينه في قدره إن اختلفا فيه قبل التلف أو بعده إذ الأصل براءة ذمته ، فإن تلف في يده قبل التمييز له غرمه ، فإن كان تراب فضة قوم بذهب ، أو تراب ذهب قوم بفضة ، والمراد بالتراب في الموضعين تراب المعدن المخرج وإن اختلفا في قيمته صدق الساعي بيمينه لأنه غارم .

                                                                                                                            قال في المجموع : فإن ميزه الساعي فإن كان قدر الواجب أجزأه ، وإلا رد التفاوت وأخذه ولا شيء للساعي بعمله لتبرعه ، ولو تلف بعضه قبل التنقية في يد المالك وقبل التمكن منها والإخراج سقطت زكاته لا زكاة الباقي ، وإن نقص النصاب كتلف بعض المال ولو استخرج [ ص: 98 ] اثنان من معدن نصابا زكياه للخلطة ، هذا كله إذا كان الواجد أهلا لوجوبها كما مرت الإشارة إليه فلا زكاة فيما وجده المكاتب مع أنه يملكه ، وأما ما وجده العبد فلسيده فتلزمه زكاته ويمنع الذمي من أخذ المعدن والركاز بدار الإسلام .

                                                                                                                            قال في الروضة : وينقدح جواز منعه لكل مسلم ; لأنه صاحب حق فيه ا هـ .

                                                                                                                            وبه صرح الغزالي وهو المعتمد

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 97 ] قوله : مفرع على وجوب الخمس ) أي لأنه على وجوب ربع العشر يشترط النصاب قطعا ابن عبد الحق ( قوله : على وجوب ربع العشر ) أي لأنه على وجوب الخمس لا يشترط الحول قطعا كالركاز ا هـ ابن عبد الحق ( قوله : فلو تعدد ) أي عرفا ( قوله : إن كان باقيا ) أي فإن تلف قبل إخراج باقي النصاب فلا زكاة ، ولا يشكل هذا بما مر من قوله : ولا يشترط بقاء الأول إلخ ; لأن ما مر حيث تتابع العمل وما هنا حيث قطعه بلا عذر ( قوله : فإن قبضه الساعي قبلها ضمن ) أي من ماله لتقصيره في الجملة بقبضه ( قوله ويصدق بيمينه ) أي الساعي ( قوله : وإلا رد التفاوت ) أي أو أخذ النقص [ ص: 98 ] قوله : كما مرت الإشارة ) أي في قوله وهو من أهل الزكاة ( قوله ويمنع الذمي ) ندبا أخذا من قول حج : إن ما أخذه قبل الإزعاج يملكه ، ومن قول الشارح ، وينقدح جواز إلخ ، ولو قيل بوجوبه على الإمام لم يبعد لأن الإمام يجب عليه رعاية ما فيه المصلحة للمسلمين ( قوله : من أخذ المعدن والركاز ) أي وما أخذه قبل الإزعاج يملكه كحطبها ا هـ حج ( قوله وينقدح جواز منعه ) أي على سبيل الاستحباب لا الإباحة



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله فإن ميزه الساعي فإن كان قدر الواجب أجزأه ) لعلهم اغتفروا ذلك لأنه لا معنى لرده ثم أخذه وإلا فقد مر أن القبض فاسد ، وقيد الشهاب حج إجزاءه بما لو نوى به [ ص: 98 ] الزكاة




                                                                                                                            الخدمات العلمية