الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وتسن بداءته قبل غسل وجهه بمضمضة بيمينه ) لحديث عثمان أنه توضأ فدعا بماء فغسل يديه ثلاثا ثم غرف بيمينه ، ثم رفعها إلى فيه ، فمضمض واستنشق بكف واحدة ، واستنثر بيساره ، فعل ذلك ثلاثا ، ثم ذكر سائر الوضوء ثم قال إن النبي صلى الله عليه وسلم { توضأ لنا كما توضأت لكم } رواه سعيد ( و ) يسن ( تسوكه ) عند المضمضة لقوله عليه السلام { لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء } رواه أحمد بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وهو للبخاري تعليقا .

                                                                                                                      ( ثم باستنشاق بيمينه ثلاثا ثلاثا ، إن شاء من غرفة ، وهو أفضل ) لحديث علي أنه توضأ فمضمض ثلاثا ، واستنشق ثلاثا بكف واحدة ، وقال { هذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم } رواه أحمد في المسند ( وإن شاء من ثلاث ) لحديث علي أيضا أنه يفصل واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات متفق عليه ( وإن شاء من ست ) غرفات ، لحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال { رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضمضة والاستنشاق } رواه أبو داود ووضوءه كان ثلاثا ثلاثا ، فلزم كونها من ست .

                                                                                                                      ( ولا يفصل بين المضمضة والاستنشاق ) استحبابا وحديث طلحة [ ص: 94 ] المذكور يمكن حمله على بيان الجواز ( وتجب الموالاة بينهما وبين بقية الأعضاء ) لأنهما من الوجه ، أشبها سائره ( وكذا ) يجب ( الترتيب ) بينهما وبين بقية الأعضاء كما سبق و ( لا ) يجب الترتيب ( بينهما وبين الوجه ) لأنهما منه كما تقدم وأما الموالاة بينهما وبين الوجه فمعتبرة ( ويسن استنثاره بيساره ) لحديث عثمان وهو مأخوذ من النثرة ، وهي طرف الأنف أو هو ( و ) تسن .

                                                                                                                      ( مبالغة فيهما لغير صائم ) لما روى لقيط بن صبرة قال قلت يا رسول الله ، أخبرني عن الوضوء { قال أسبغ الوضوء ، وخلل بين الأصابع ، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما } رواه الخمسة وصححه الترمذي .

                                                                                                                      وعن ابن عباس مرفوعا قال { استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثا } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ( وتكره ) المبالغة في المضمضة والاستنشاق ( له ) أي الصائم لأنها مظنة إيصال الماء إلى جوفه ( و ) تسن ( مبالغة في سائر ) أي باقي ( الأعضاء ) للصائم وغيره ( ف ) المبالغة ( في مضمضة إدارة الماء في جميع الفم ، و ) المبالغة ( في الاستنشاق : جذبه ) أي الماء ( بنفس إلى أقصى الأنف والواجب ) في المضمضة ( أدنى إدارة ) للماء في فمه .

                                                                                                                      ( و ) الواجب في الاستنشاق ( جذب الماء إلى باطن الأنف ) وإن لم يبلغ أقصاه ( فلا يكفي ) في المضمضة ( وضع الماء في فيه بدون إدارة ) لأنه لا يسمى مضمضة وكذا لا يكفي في الاستنشاق وضعه في أنفه بدون جذب إلى باطن الأنف ، لأنه لا يسمى استنشاقا ( ثم ) بعد إدارة الماء في فيه ( له بلعه ولفظه ) أي طرحه ; لأن الغسل قد حصل ( ولا يجعل المضمضة أولا ) أي ابتداء من غير إدارة في فمه ( وجورا ، ولا ) يجعل ( الاستنشاق ) ابتداء ( سعوطا ) ; لأن ذلك لا يسمى مضمضة ولا استنشاقا ( والمبالغة في غيرهما ) أي غير المضمضة والاستنشاق ( دلك المواضع التي ينبو عنها الماء ) أي لا يطمئن عليها ( وعركها به ) أي الماء [ ص: 95 ]

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية