الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ويباح كشفها ) أي العورة ( لتداو وتخل ونحوهما ) كاغتسال وحلق عانة وختان ومعرفة بلوغ وبكارة وثيوبة ، لدعاء الحاجة إليه .

                                                                          ( و ) يباح كشفها من أنثى ( لمباح ) لها من زوجها وسيدها ( و ) يباح لذكر كشف عورته ( لمباحة له ) من زوجة وأمة لحديث بهز بن حكيم .

                                                                          وتقدم ولا يحرم نظر عورته حيث جاز كشفها ولا لمسها ( وعورة ذكر وخنثى ) حرين كانا أو رقيقين أو مبعضين ( بلغا ) أي استكملا ( عشرا ) من السنين ما بين سرة وركبة لحديث علي مرفوعا { لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت } رواه أبو داود وغيره .

                                                                          ولحديث أبي أيوب الأنصاري يرفعه { أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة } وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا { ما بين السرة والركبة عورة } رواهما الدارقطني .

                                                                          قال المجد : والاحتياط للخنثى المشكل : أن يستر كالمرأة .

                                                                          ( و ) عورة ( أمة وأم ولد ) ومدبرة ومكاتبة ( ومبعضة ) بعضها حر وبعضها رقيق ما بين سرة وركبة ; لأنها دون الحرة فألحقت بالرجل .

                                                                          ويستحب استتارهن كالحرة البالغة ( و ) عورة ( حرة مميزة ) تم لها سبع سنين .

                                                                          ( و ) عورة ( حرة مراهقة ) قاربت البلوغ ( ما بين سرة وركبة ) لمفهوم حديث { لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار } وعلم منه : أن السرة والركبة ليسا من العورة . وهذا كله في الصلاة .

                                                                          ( و ) عورة ذكر وخنثى ( ابن سبع ) سنين ( الفرجان ) لقصوره عن ابن عشر ; لأنه لا يمكن بلوغه .

                                                                          وعلم منه : أن من دون سبع لا حكم لعورته ; لأن حكم الطفولية منجر عليه إلى التمييز ( والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة ) حتى ظفرها نصا ( إلا وجهها ) لحديث { المرأة عورة } رواه الترمذي وقال حسن صحيح . وهو عام في جميعها ترك في الوجه للإجماع ،

                                                                          فيبقى العموم فيما عداه وقول ابن عباس وعائشة في قوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } قالا : ( الوجه والكفين ) خالفهما ابن مسعود . فقال : " الثياب " ولأن الحاجة لا تدعو إلى كشف الكفين كما تدعو إلى كشف الوجه ، وقياسا لهما على القدمين . وأما عورتها خارج الصلاة : فيأتي بيانها في أول كتاب النكاح ( ويسن صلاة رجل ) حر أو عبد ( في ثوبين ) كقميص ورداء أو إزار [ ص: 151 ] وسراويل ،

                                                                          ذكره بعضهم إجماعا . قال جماعة : مع ستر رأسه والإمام أبلغ ; لأنه يقتدى به . ولأحمد عن أبي أمامة قال : { قلنا يا رسول الله : إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون ، فقال : تسرولوا واتزروا ، وخالفوا أهل الكتاب } ولا تكره في ثوب واحد والقميص أولى لأنه أبلغ

                                                                          ثم الرداء ، ثم المئزر أو السراويل ( ويكفي ستر عورته ) أي الرجل ( في نفل ) لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم { أنه كان يصلي بالليل في ثوب واحد بعضه على أهله } والثوب الواحد لا يتسع لذلك مع ستر المنكبين . ولأن عادة الإنسان في بيته وخلواته قلة اللباس وتخفيفه .

                                                                          وغالب نفله يقع فيه ، فسومح فيه لذلك ، كما سومح فيه بترك القيام ونحوه ( وشرط في فرض ) ظاهرة ولو فرض كفاية ، مع ستر عورة ( ستر جميع أحد عاتقيه ) أي الرجل ، ومثله الخنثى ( بلباس ) لحديث أبي هريرة مرفوعا { لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء } رواه الشيخان والعاتق : موضع الرداء من المنكب

                                                                          ولا فرق في اللباس بين أن يكون مما ستر به عورته أو غيره ( ولو وصف ) اللباس ( البشرة ) لعموم قوله صلى الله عليه وسلم { ليس على عاتقه منه شيء } فإنه يعم ما يستر البشرة وما لا يستر ( وتسن صلاة حرة ) بالغة ( في درع ) وهو القميص ( وخمار ) وهو ما تضعه على رأسها وتديره تحت حلقها ( وملحفة ) بكسر الميم ثوب تلتحف به ، وتسمى جلبابا .

                                                                          لما روى سعيد عن عائشة أنها " كانت تقوم إلى الصلاة في الخمار والإزار والدرع فتسبل الإزار ، فتتجلبب به ، وكانت تقول : ثلاثة أثواب لا بد للمرأة منها في الصلاة إذا وجدتها : الخمار والجلباب والدرع " ولأن المرأة أوفى عورة من الرجل ( وتكره ) صلاتها ( في نقاب وبرقع ) لأنه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف ، ويغطي الفم . وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل عنه ( ويجزئ ) امرأة ( ستر عورتها ) قال أحمد : اتفق عامتهم على الدرع والخمار .

                                                                          وما زاد فهو خير وأستر ( وإذا انكشف ) بلا قصد ( لا عمدا في صلاة من عورة ) ذكر أو أنثى أو خنثى ( يسير لا يفحش عرفا ) لأنه لا تحديد فيه شرعا فرجع فيه إلى العرف كالحرز ، فإن فحش وطال الزمن بطلت . ولا فرق بين الفرجين ( وغيرهما ) لكن يعتبر ( الفحش في كل عضو بحسبه ، ) إذ يفحش من المغلظة ما لا يفحش من غيرها ( في النظر ) متعلق ب يفحش ، أي لو نظر إليه .

                                                                          ( ولو ) كان الانكشاف زمنا ( طويلا ) لم [ ص: 152 ] تبطل . لحديث عمرو بن سلمة الجرمي قال { انطلق أبي وافدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من قومه فعلمهم الصلاة ، وقال : يؤمكم أقرؤكم فكنت أقرأهم ، فقدموني فكنت أؤمهم ، وعلي بردة لي صفراء صغيرة ، فكنت إذا سجدت انكشفت عني فقالت امرأة من النساء : واروا عنا عورة قارئكم فاشتروا لي قميصا عمانيا فما فرحت بعد الإسلام بشيء فرحي به } .

                                                                          وفي لفظ { كنت أؤمهم في بردة موصلة فيها فتق فكنت إذا سجدت فيها خرجت استي } " رواه أبو داود والنسائي وانتشر ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أنكره ولا أحد من أصحابه ولأنه يشق الاجتزاز منه إذ ثياب الفقراء لا تخلو غالبا من خرق وثياب الأغنياء من فتق ( أو ) انكشفت لا عمدا من عورة ( كثيرة في ) زمن ( قصير ) كما لو أطارت الريح سترته فأعادها سريعا ( لم تبطل ) الصلاة قياسا على ما تقدم ، فإن تعمد ذلك . بطلت . لأنه لا عذر

                                                                          .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية