الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبي ، ثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى ، ثنا يعقوب بن إبراهيم ، ثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا جويبر ، عن الضحاك ، قال : قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه : يا أهل دمشق أنتم الإخوان في الدين ، والجيران في الدار ، والأنصار على الأعداء ، ما يمنعكم من مودتي ؟ وإنما مؤنتي على غيركم ، ما لي أرى علماءكم يذهبون وجهالكم لا يتعلمون ؟ وأراكم قد أقبلتم على ما تكفل لكم به ، وتركتم ما أمرتم به ؟ ألا إن قوما بنوا شديدا وجمعوا كثيرا وأملوا بعيدا ، فأصبح بنيانهم قبورا وأملهم غرورا وجمعهم بورا . ألا فتعلموا ، فإن العالم والمتعلم في الأجر سواء ، ولا خير في الناس بعدهما .

              حدثنا علي بن أحمد بن محمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا سلم بن جنادة ، ثنا عبد الله بن نمير ، عن الحجاج بن دينار ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، عن أبى الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : تعلموا قبل أن يرفع العلم ، إن رفع العلم ذهاب العلماء ، إن العالم والمتعلم في الأجر سواء ، وإنما الناس رجلان : عالم ومتعلم ، ولا خير فيما بين ذلك .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا محمد بن جعفر الوركاني ، ثنا شريك ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي الدرداء ، قال : إني لآمركم بالأمر وما أفعله ، ولكني أرجو أن أؤجر عليه .

              حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن ضمرة بن حبيب ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، أنه قال : لا يكون تقيا حتى يكون عالما ، ولن يكون بالعلم جميلا حتى يكون به عاملا .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال قال : كان أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه يقول : إن أخوف ما أخاف إذا وقفت على الحساب أن يقال لي : قد علمت ، فما عملت فيما علمت ؟ .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا سريج بن يونس ، ثنا الوليد بن مسلم ، عن علي بن حوشب ، عن أبيه ، عن أبي الدرداء رضي [ ص: 214 ] الله تعالى عنه ، قال : أخوف ما أخاف أن يقال لي يوم القيامة : يا عويمر أعلمت أم جهلت ؟ فإن قلت : علمت ، لا تبقى آية آمرة أو زاجرة إلا أخذت بفريضتها : الآمرة هل ائتمرت ؟ والزاجرة هل ازدجرت ؟ وأعوذ بالله من علم لا ينفع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا الفرج بن فضالة ، عن لقمان بن عامر ، عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه ، قال : إنما أخشى على نفسي أن يقال لي على رؤوس الخلائق : يا عويمر هل علمت ؟ فأقول : نعم ، فيقال : ماذا عملت فيما علمت ؟ .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا عبد الرزاق ، حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا بشر بن الحكم ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن صاحب له أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان رضي الله تعالى عنهما : يا أخي اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع العباد رده ، واغتنم دعوة المبتلى ، ويا أخي ليكن المسجد بيتك ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن المساجد بيت كل تقي ) ، وقد ضمن الله عز وجل لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والراحة والجواز على الصراط إلى رضوان الرب عز وجل ، ويا أخي ارحم اليتيم وأدنه منك ، وأطعمه من طعامك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - وأتاه رجل يشتكي قساوة قلبه - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أتحب أن يلين قلبك ؟ فقال : نعم ، قال : أدن اليتيم منك وامسح رأسه وأطعمه من طعامك ، فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك ) ، ويا أخي لا تجمع ما لا تستطيع شكره ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يجاء بصاحب الدنيا يوم القيامة الذي أطاع الله تعالى فيها وهو بين يدي ماله ، وماله خلفه ، كلما تكفأ به الصراط قال له ماله : امض فقد أديت الحق الذي عليك ، قال : ويجاء بالذي لم يطع الله فيه وماله بين كتفيه فيعثره ماله ، ويقول له : ويلك ، هلا عملت بطاعة الله عز وجل في ؟ فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل ) ، ويا أخي إني حدثت أنك اشتريت خادما ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : [ ص: 215 ] ( لا يزال العبد من الله وهو منه ما لم يخدم ، فإذا خدم وجب عليه الحساب ) وإن أم الدرداء سألتني خادما - وأنا يومئذ موسر - فكرهت ذلك لما سمعت من الحساب ، ويا أخي من لي ولك بأن نوافي يوم القيامة ولا نخاف حسابا ، ويا أخي لا تغترن بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنا قد عشنا بعده دهرا طويلا ، والله أعلم بالذي أصبنا بعده .

              رواه ابن جابر والمطعم بن المقدام عن محمد بن واسع أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان مثله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية