الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وقال لهم نبيهم إن آية ملكه ؛ أي: علامة تمليك الله إياه؛ أن يأتيكم التابوت ؛ وموضع " أن " : رفع؛ المعنى: إن آية ملكه إتيان التابوت إياكم. وقوله - عز وجل -: فيه سكينة من ربكم ؛ أي: فيه ما تسكنون به إذا أتاكم؛ وقيل في التفسير: إن السكينة لها رأس كرأس الهر؛ من زبرجد؛ أو ياقوت؛ ولها جناحان. وقوله - عز وجل -: وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون ؛ قيل في تفسيره: " البقية " : رضاض الألواح؛ وأن التوراة فيه؛ وكتاب آخر جمع التوراة؛ وعصا موسى؛ فهذا ما روي مما فيه؛ والظاهر أن " فيه بقية " ؛ جائز أن يكون بقية من شيء من علامات الأنبياء؛ وجائز أن يكون البقية من العلم؛ وجائز أن يتضمنها جميعا؛ والفائدة - كانت - في هذا التابوت أن الأنبياء - صلوات الله عليهم - كانت تستفتح به في الحروب؛ فكان التابوت يكون بين أيديهم؛ فإذا سمع من جوفه أنين؛ دف التابوت؛ أي: سار؛ والجميع خلفه؛ والله أعلم بحقيقة ذلك. [ ص: 330 ] وروي في التفسير أنه كان من خشب الشمشار؛ وكان قد غلب جالوت وأصحابه عليه؛ فنزلهم بسببه داء؛ قيل: هو الناسور الذي يكون في العنب؛ فعلموا أن الآفة بسببه نزلت؛ فوضعوه على ثورين؛ فيما يقال؛ وقيل: معنى تحمله الملائكة إنها كانت تسوق الثورين؛ وجائز أن يقال في اللغة: " تحمله الملائكة " ؛ وإنما كانت تسوق ما يحمله؛ كما تقول: " حملت متاعي إلى مكة " ؛ أي: كنت سببا لحمله إلى مكة؛ ومعنى إن في ذلك لآية لكم ؛ أي: في رجوع التابوت إليكم علامة أن الله ملك طالوت عليكم؛ إذ أنبأكم في قصته بغيب؛ إن كنتم مؤمنين ؛ أي: إن كنتم مصدقين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية