الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2198 - مسألة : من أصاب حدا ولم يدر بتحريمه ؟ قال أبو محمد رحمه الله : من أصاب شيئا محرما - فيه حد أو لا حد فيه - وهو جاهل بتحريم الله تعالى له فلا شيء عليه فيه - لا إثم ولا حد ولا ملامة - لكن يعلم ، فإن عاد أقيم عليه حد الله تعالى ، فإن ادعى جهالة نظر ، فإن كان ذلك ممكنا فلا حد عليه أصلا - وقد قال قوم بتحليفه ، ولا نرى عليه حدا ، ولا تحليفا - وإن كان متيقنا أنه كاذب لم يلتفت إلى دعواه ؟ قال أبو محمد : برهان ذلك قول الله تعالى { لأنذركم به ومن بلغ } فإن الحجة على من بلغته النذارة لا من لم تبلغه ، وقد قال الله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وليس في وسع أحد أن يعلم ما لم يبلغه ، لأنه علم [ ص: 108 ] غيب ، وإذا لم يكن ذلك في وسعه فلا يكلف الله أحدا إلا ما في وسعه ، فهو غير مكلف تلك القصة ، فلا إثم عليه فيما لم يكلفه ، ولا حد ولا ملامة .

                                                                                                                                                                                          وإنما سقط هذا عمن يمكن أن يعلم ، ويمكن أن يجهل ، فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام } .

                                                                                                                                                                                          وقد جاءت في هذا عن السلف آثار كثيرة : كما روينا عن سعيد بن المسيب : أن عاملا لعمر بن الخطاب كتب إلى عمر يخبره : أن رجلا اعترف عنده بالزنى ؟ فكتب إليه عمر ، أن سله : هل كان يعلم أنه حرام ، فإن قال : نعم ، فأقم عليه الحد ، وإن قال : لا ، فأعلمه أنه حرام ، فإن عاد فاحدده .

                                                                                                                                                                                          وعن الهيثم بن بدر عن حرقوص قال : أتت امرأة إلى علي بن أبي طالب فقالت : إن زوجي زنى بجاريتي ، فقال : صدقت ، هي ومالها لي حل ، فقال له علي : اذهب ولا تعد ، كأنه درأ عنه الحد بالجهالة ؟

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية